الرومنطيقية في الأدب العربي- السنة الثانية ثانوي

الرومنطيقية في الأدب العربي للسنة الثانية ثانوي.

مدخل إلى الرومنطيقية:

عند الحديث عن الرومنطيقية في الأدب العربي، نحن نتحدث عن تيار أدبي وفني ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتميز بتأثيره الكبير على الأدب العربي في القرن العشرين. ويرتبط هذا التيار بعدة عوامل، منها تفاعل الثقافة العربية مع الغرب وانتشار ثقافة النهضة الأوروبية والتحديات التي واجهها العالم العربي في ذلك الوقت.

الرومنطيقية كانت تيارًا يدعو إلى الحرية الفردية والتعبير الشخصي، وكانت تسعى إلى تحرير الفرد من قيود المجتمع والتقاليد. وتميزت الرومنطيقية بإبراز العواطف والانفعالات الإنسانية، واهتمت بالتصوير الشخصي للأحداث والأشخاص.

تأثر الأدب العربي بالرومنطيقية بشكل كبير، وقد أدى ذلك إلى تطور عدة مجالات أدبية، منها الشعر والقصة والرواية. ومن أبرز الممارسين والمؤلفين الرومنطيقيين في الأدب العربي يمكن ذكرهم: جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، طه حسين، وغيرهم.

ولكن، على الرغم من تأثير الرومنطيقية على الأدب العربي، فإنها لم تخلو من النقاشات والجدل. وقد تباينت الآراء حول قيمتها ومدى تأثيرها الإيجابي أو السلبي على الأدب العربي. وكان من النقاشات الأكثر شهرة حول الرومنطيقية في الأدب العربي هو الجدل بين الرومنطيقيين والتقليديين.

تعد الرومنطيقية مذهبًا أدبيًا مختلفًا عن الكلاسيكية، ويعد أبرز ما يميزها هو اهتمامها بالإنسان الفردي وشخصيته والاختلاف الذي يميزه عن الآخرين، حيث تعتبر الإنسان منبعًا للقيم، وجعلته الفرد جديرًا بالعناية والانتباه، بينما كانت الكلاسيكية تعتبر الإنسان النموذج.

ومن المعروف أن الرومنطيقي قادر على طبع أدبه بطابع خاص به، ما عزز من وجود العواطف والأحاسيس التي تشعل القلوب وتسمح للمخيلة بالذهاب إلى البعيد، بينما كان يطلب من الكاتب الكلاسيكي أن يكبح جماح مخيلته، حيث يتحرر الرومنطيقي إطلاقًا خياله متجهًا إلى ما وراء اللا محدود وإلى المطلق.

ومنحت الرومنطيقية في الغرب العديد من المواسم الأدبية المهمة جدًا، وفيها ومن خلالها برز العديد من الشعراء الكبار، واستمرت الرومنطيقية في البقاء والتطور حتى اليوم، حيث كانت الدافع والمحرك للشعر إلى الرمزية والتعبيرية والسريالية، كما كانت الطبيعية والواقعية هي رد الفعل المناسب لمحاكاة إسراف الرومنطقية.

ويعد الدكتور عيسى بلاطة، الأكاديمي الفلسطيني المعروف، واحدًا من المهتمين بدراسة الرومنطيقية في الشعر العربي الحديث، وقد رصد محطاتها الأساسية لدى الشعراء الكبار الذين أصبحوا رموزًا ومعالمًا في الأدب العربي الحديث، ومن بينهم جبران خليل جبران وإبراهيم ناجي وخليل مطران.

خصائص الكتابة عند الرومنطيقيين:

تتميز الكتابة الرومنطيقية بالعديد من الخصائص والمميزات التي تميّزها عن غيرها من المدارس الأدبية، وقد كانت حركةً نوعيةً في تاريخ الأدب، حيث خرجت عن كل ما هو مألوف وسائد. وفيما يلي أهم خصائص الكتابة الرومنطيقية:

1- البساطة في اللغة، وتجنب التصنع والابتعاد عن لغة المدرسة الكلاسيكية.

2- الحديث عن الأحزان والكآبة وصراعات النفس البشرية بكثرة، والتركيز على قرب الموت وتفاهة الحياة.

3- التركيز على الحرية اللامتناهية في التعبير والإبداع، والتغني بها.

4- إعطاء المرأة شخصيتها ومنزلتها التي تستحقها، والتركيز على قضاياها المتشعبة.

5- الخروج على سلطان العقل والميل إلى سلطان القلب، وما يحمله من مشاعر وعواطف متأججة ومندفعة نحو الجمال والعفوية.

6- الدعوة لبناء عالم جديد يقوم على العدل والخير والحق.

7- نبذ الأساطير القديمة واستلهام رموز الكتب المقدسة.

8- الخروج على جميع أنظمة وقوانين المجتمع.

9- اللجوء إلى الطبيعة الساحرة وما فيها من خلود وجمال وبهاء وعظمة، والإقبال عليها كأم عطوف بعد أن كشف الرومنطيقيون أسرارها وعدوها ركيزةً لتصويرهم.

خصائص الشعر عند الرومنطيقيين

تتميز الشعر الرومنطيقي بعدة خصائص تميزه عن غيره من الأنواع الشعرية. ومن بين هذه الخصائص، يتميز بأنه يمتلك تأثيراً واسعاً حيث يصل صداه إلى جميع القارات. كما يعمل على استحضار العواطف الجسدية والشعورية لدى القارئ. ويستخدم الشعر الرومنطيقي بشكل شائع للتعبير عن الحب والعواطف الرومانسية.

ويعتمد الشعر الرومنطيقي أحياناً على الخيال، حيث يصف الشاعر ما يتخيله من جوانب الحياة، بالإضافة إلى تخيلاته عن عواطف النفس والابتعاد عن المألوف. ومع ذلك، يشتهر الشعر الرومنطيقي ببلاغته ورقي أسلوبه، على الرغم من بساطة عباراته ومفرداته.

يُعَدّ الشعر الرومنطيقي من أنواع الفن الراقي الذي يتجاوز الفن الرخيص الذي يرضي الشهوات، إذ يحتوي على العديد من العواطف الأسمى، مثل عاطفة حب الحياة وعاطفة الجمال. وهو يتمتع بمكانة مرموقة في عالم الأدب، حيث يجذب عشاق الشعر الذين يبحثون عن الرومانسية والجمالية في الكلمات والصور.