التعليم الأساسيالسنة التاسعة أساسي

مقدّمة عامة حول محور العمل 9 أساسي

مقدّمة عامة حول محور العمل 9 أساسي. أفكار وشوارد من محور العمل 9 اساسي.

مقدّمة عامة حول محور العمل 9 أساسي

تعريف العمل:


ان معنى العمل هو ما يقوم به الشخص من مجهود إرادي واعي وهو ما يستهدف منه الإنسان السلع والخدمات لإشباع الحاجات التي تخصه، ومن هذا التعريف يتضح لنا أن مجهود الإنسان يعتبر بغير هدف ولا يعتبر عملاً. العمل:
هو المجهود الحركي أو ما يسمى بالطاقة والجهد الذي يبذله الإنسان من أجل تحصيل أو إنتاج ما يؤدي إلى إشباع حاجة معينة محللة.

أن العمل هو أساس الحياة التي نعيشها ونحياها اليوم حيث أنه يعتبر المصدر الرئيسي للرزق والقوت الذي يرتجيها كل إنسان على وجه الأرض والعمل معروف بالنسبة للإنسان منذ بدء الخليقة حيث أنه يعتبر بالنسبة له احد العوامل
الرئيسية لاستمرار الحياة وتوفير مستلزماتها.

العمل هو الجهد الجسدي الذي يقوم به الإنسان و ذلك من اجل تحقيق هدف معين يعود بالنفع عليه.كما
يعرف العمل بأنه الواجبات المترتبة على الأفراد في مهنة ما و التي يجب العمل على تطبيقها
للحصول على عوائد مالية في فترة محددة .و قد عرف رجب بودبوس العمل على إنه تشكيل المادة
و تحويلها من حالة إلى أخرى فيقول:”إن العمل يعني تشكيل المادة و تحويلها و أن يخلق منها ما لم
يوجد بعد.”
وقد نصت كل الأديان السماوية على أهمية العمل بل قدسته و جعلته في مرتبة العبادة فملة الإسلام
لم تستعيب أية مهنة مهما بدت بسيطة على أهميتها .و سيد الخلق محمد صلى الله عليه و سلم كان
راعيا فهذا نوح عليه السلام نجارا و إدريس عليه السلام كان خياطا و داوود عليه السلام كان حدادا.و
وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام .فالأنبياء قدوة لأممهم في العمل و الكسب الحلال للرزق بالجهد و
تحمل المشاق في سبيل تحصيله. إذن فما الحياة إلا بذل و عطاء و ما العاطل عن العمل إلا ميت بين
الأحياء.

أهمية العمل في حياة الفرد


يعتبر العمل أساسيا لاحترام الذات ، فهو يساعد الناس على تحسين نظرتهم لأنفسهم.
يعتبر العمل وسيلة إلى الدخول إلى جماعات مختلفة .
يعتبر العمل احد العوامل الرئيسية لاستمرار الحياة وتوفير مستلزماتها.
يعتبر العمل خط الدفاع الذي يحمي المرء من مكاره اليأس والقلق .
فبلعمل وحده يستطيع الفرد أن يخرج من فورة محنته مثل المفكر المصري محمود تيمور الذي اعتمد العمل كوسيلة لشفاء مرضه والتغلب على حصرته.
كما نرى أهمية العمل تتمثل على لسان النبي (ص) بقوله (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه )
يعتبر العمل عزة وكرامة للإنسان ودرعا واقيا عن الذل والهوان.
فلحياة دون عمل كحياة بدون هواء كما قال نابليون :” حياة بلا عمل عبء لا يحتمل.”
فشعورنا أن كل يوم عمل هو مقاومة مستمرة للموت ومواجهة للعدم كما قال جول رونار : “ان الخوف من الموت يجعلنا نحب العمل لأن العمل لبّ الحياة.”
.
العمل ممارسة للوجود وتحقيق له بدليل شعورنا بلدة تجاه أعمالنا و انتاجاتنا بل الشعب الجسدي يزول دفعة واحدة لحظة التأمل في ما صنعه الفكر و الساعد. كما يقول جبران خليل جبران :”انك إذا أنت خبزت خبزا وأنت لا تجد لذة في عملك فإنما أنت تخبز علقما”.
إن الحياة تكون ظلمة وحالكة إذا لم يرافقها العمل كما يقول أبو القاسم الشابي :” ألا انهض وسر في سبيل الحياة
فمن نام لم تنتظره الحياه “
.

أهمية العمل على المجتمع


إن العمل هو سبيل تطور المجتمع وتقدمه ونقله اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا إلى مراحل متقدمة.
العمل أخلاق وقيم فمن عمل بجد وكد لا يقف تفكيره عند حدود مصلحته
الشخصية بل يتجاوز ذلك إلى المصلحة العامة.
العمل يساهم في بناء صرح الوطن وتقوية كيانه وتثبيت بنيانه.
العمل مصدر تحقيق الذات ونماء المجتمعات وتطورها .
أصبح العمل ركيزة أساسية في بناء المجتمع وتطوره.
قال الشاعر احمد شوقي عن إتقان العمل :
أيها الـعـمـال أفـنـوا الـعـمـر كدا واكتسابا
واعمروا الأرض فلولا سـعـيـكـم أمـسـت يـبـابـا

ألا تعرف احد الأمثال تقول:“ من سعى جنى ومن نام رأى الأحلام “
فالعمل يعتبر الوسيلة الوحيدة للخروج من التخلف بصورة سريعة وجذرية.

ما استفدناه من المحور الأول: العمل


لقد استفدنا من هذا المحور أن العمل يكمل بالإرادة وهو مصدر تحقيق الذات ونماء المجتمعات وازدهارها . فالعمل نهوض للإنسانية وواجب اجتماعي .
. فهو يمنحك الشعور بالأمل والتخلص من العراقيل كما ذكره محمود تيمور في نصه كيف هزمت عدوي الأول .
كما استفدنا من نص العمل إرادة أن العمل والإرادة هما مظهران من قوة النفس, فإذا امتلات النفس بالقدرة على الإرادة امتلأت بالقدرة على العمل.
ان قيمة المرء الحقيقية لا تقدر بما يملك من مال ومتاع ولكن بما أنتجته قريحته وصنعت داه, ومن هنا نستنتج أن العمل له فوائد كبيرة على الفرد والمجتمع إذا أنجز بإخلاص وإتقان.
أن العمل يحقق الوجود وأكد ذلك رجب بدبوس في نصه “أنا أعمل إذن أنا موجود .”
و كما استنتجنا أن لا راحة بغير عمل ولا لقمة بغير عرق ولا ثروة بغير إنتاج و هذا ما ورد في نص السماء لا تمطر ذهبا للكاتب توفيق حكيم.
وأخبرنا هذا المحور عرفنا على سيرورة الحجاج وأنواعه ووظائفه .
فهناك نصوص تبدأ بفكرة مدحوضة ثم فكرة مدعومة ثم حجج ثم استنتاج. أو فكرة مدعومة ثم حجج ثم استنتاج.


فائدة العمل للفرد:


يحقق العمل انسانية الانسان فيعبر عن ذات العامل فكل منتج وراءه اصابع ذهبية و فكر وقاد يمثلان
جزءا من ذات العامل .اذن العمل دليل وجود الانسان فما منضدة النجار الا دليل على وجوده و
شجرة الزيتون تجسيد لعمل الفلاح .لهذا يقول رجب بودبوس :”في كل إنتاج ينطبع وجود الانسان
أعني أن كل إنتاج يحمل جزءا من وجود الانسان.”
و قد ينعكس العمل ايجابا على صحة الفرد و جسده فيدفعه الى النشاط و الحركة و يبعد عنه الكسل
و الخمول فقد اكدت الدراسات العلمية ان الجسد النشيط اقل عرضة لمرض السكري و ضغط الدم
من الجسد الاقل نشاطا بالعمل يصح الجسد و تقوى مناعته.
و تتعدى ايجابيات العمل العضوي الى النفسي حيث يشعر الانسان بالراحة و الرضا عن نفسه
يخلد وجوده بل هووسيلته لاثبات قیمته و تعزیز نفسه و تحويل أحلامه الى واقع.
وكذلك بالعمل يتغلب الانسان على همومه و احزانه و صعوبات الحياة و ينمي قدرته على مواجهة
المشاكل فيقول محمود تيمور:”بالعمل وحده استطعت ايضا ان اواجه الاحداث التي تتممخض عنها
الليالي و الايام.”فالعمل يمنع الشعور بالملل و يبعد عنه الاحساس بالملل و الاحباط. فمن خلال التجربة
الذاتية لمحمود تيمور الذي تمكن من تجاوز حزنه في فقدان فلذة كبده و مرضه بالعمل و هو
الكتابة الادبية فيقول عن ذلك :”الايمان بالعمل و الشغف به هو خط الدفاع الذي يحمي المرء من
مكاره اليأس و القلق.”


3. فائدة العمل للمجتمع :
يعد العمل من أهم مقومات بناء المجتمعات بالكامل و التي تساعد في تحقيق النجاح لكافة الأفراد مع
المحافظة على تطور كافة المجتمعات .يوفر العمل حاجيات المجتمع من مأكل و مشرب و
ملبس و ترفيه .فيحافظ من خلال دخله الخاص على حياة كريمة للعامل و العائلة و المجتمع فيضمن
العمل الحياة المادية و الإجتماعية .
و ينمي العمل إقتصاد البلاد و يعظم منزلتها بين الدول الأخرى و يضمن إستقلالها الدائم و أبرز مثال
الطفرة الإقتصادية التي شهدتها اليابان و الصين و تايوان .فمن المسلم به أن العمل هو سر إزدهار
إقتصاد البلدان إذ تنمو الضروريات و الكماليات و تتدعم فرص الإستثمار و الربح فتتوفر مواطن
الشغل و تتضاءل نسبة البطالة و يتراجع عدد الفقراء .فتنتشر إذن مظاهر الحداثة و التطور فتمتد
الطرقات و تشيد المباني و يعمر القفر فقد تغنى الميداني بن صالح بدور العامل و عمله في المجتمع
قائلا :

“أيا صانع المعجزات رفعت المصانع
عمرت قفر الصحاري
قهرت البحار
نسجت جسورا
عليها تمرّ رفقتنا الكادحين .”
لذلك كانت الدول المتقدمة خير دليل على ما نقول فأستست نهضتها و بنتها على العمل الجدي. يقول
توفيق الحكيم :” لا راحة بغير بغير عمل و لا لقمة عرق و لا ثروة بغير إنتاج .”
لهذا كان العمل هو الحل لتجاوز الركود الإقتصادي و ما تبعها من آفات إجتماعية كالفقر و العنف
و الجريمة .


حقوق العامل و واجباته المهنية:


أ. حقوق العامل:
تنص مجلة الأحوال الشخصية على حق الفرد في العمل للحصول على دخل يحافظ على حياة
كريمة له و لعائلته ماديا فمعنويا كرامته و عزة نفسه فلا يغيب عنا قول الشاعر عنترة بن شداد
العبسي:
“لا تسقني ماء الحياة بذلة *** بل فاسقني بالعز كاس الحنضل”
لهذا من حق العامل حمايته عن طريق توفير سبل الوقاية الضرورية و تحسين ظروف العمل
لأن معظم العمال يمضون على الاقل ثماني ساعات كل يوم في مكان العمل لذلك يجب ان تكون
بيئة العمل مأمونة و صحية من المخاطر كالغازات و الضجيج و درجات الحرارة الشديدة.
و ومن حقوق العامل ايضا حق وقت الفراغ المنصوص عليه في الاعلان العالمي لحقوق الانسان
في المادة 24 المؤرخ في ديسمبر 1948 “لكل شخص الحق في الراحة و في اوقات الفراغ و
لا سيما في تحديد معقول لساعات العمل و في عطلات دورية باجر.
لهذا لا بد من تمتيع العمال بأوقات راحة تخلصهم من ضغوطات العمل فيقول الرسول صلى الله
علیه و سلم:”و رؤحوا عن أنفسكم ساعة بعد ساعة إن النفوس إذا كلت عميت.”
دون ان ننسى ان العامل يتحصل على حقوقه المادية و المعنوية عند تعرضه لحادث شغل وتضمن
المحكمة الادارية حقوق العامل كاملة.
فإلى أي مدى تمكن العامل من الحصول على حقوقه؟
لا يخفى عنا معاناة العامل و استلاب حقوقه و استغلاله استغلالا مقيتا .فقد يعاني العامل من مشقة
و العمل و الإشتغال في إطار غير ملائم يفتقر إلى أبسط مظاهر السلامة المهنية فيحدثنا عبد
الرحمان منيف عن تجربته في العمل داخل حمام و ما انجرعنه قائلا:” لقد أصبحت وقاد حمام
كنت أنزل إلى القبو الذي يشبه الجحيم و أظل الساعات الطوال .. خرجت بعدها ضعيف البصر
. أصبحت الشمس عدوا لي لم أر خلال تلك السنة كلها شجرة خضراء واحدة .”(الأشجار و
اغتيال مرزوق)
ولا ننسى عمال المناجم واشتغالهم في ظروف غير صحية وما يصيبهم من فقدان المناعة .كما
يعاني عامل اليوم من طول ساعات العمل و الساعات الإضافية لتلبية رغبة صاحب المصنع
الجشع الذي لا يهمه سوى الربح الأوفر و آخر همه صحة العامل . و يكبر إحساس العامل باستلاب
حقوقه في نظام العمل الصناعي الحديث القائم على التسلسل فلا بد من ضرورة السرعة في
الإنجاز القائم على الآلة فيزيد في الإرهاق الجسدي فهو سباق لا نهاية له فيقول بوراوي عجينة
عن السباق في المعمل:”هذه تخيط الصدار و تلك الاكمام و ثالثة تركب الازرار و رابعة تكوي
و خامسة تراقب و سادسة ترصف القميص الجاهز في الصندوق.” و إرهاق نفسي توتر و
رتابة فلا مجال للحرية و الإبداع نتيجة خضوعه للآلة فعدا و كأنه جزء منها أو عبدا لها و أوقعه
في الإغتراب بسلبه هويته الإنسانية و حريته كما ألحق به أضرارا نفسية و جسدية في عصر
قائم على الإنتاج الوفير بأقل التكاليف و لا يجازى إلا بالراتب الأقل فيكون عرضة للاكتئاب و
الجلطات الدماغية و غيرها…

ب)واجبات العامل :
إذا كان من حق العامل التمتع بحقوقه فمن واجبه أيضا آداء ما عليه من التزامات بكل إتقان
حرفية مثلما تنص على ذلك قواعد العمل المهني .
و كما أكد على ذلك الله سبحانه و تعالى في كتابه الحكيم .أفلم يجعل الله إتقان العمل سبيلا لكسب
رضاه و أ فلم يقل الرسول صلى الله عليه و سلم :”إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه
فما أجمل الإحساس برضى النفس و راحة الضمير بعد إنجاز عمل على أكمل وجه مهما بلغت
مشقته .فلا يجب أن يغيب عن العامل قول أمير الشعراء أحمد شوقي :
“إنما الأمم الأخلاق ما بقيت*******فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبت”
لذلك لا بد أن تتعلق همة العامل بالأخلاق المهنية الرفيعة .فالتواكل يغرس في الأجيال القادمة
الغش و المكر و المداهنة و الرياء فيسيطر التملق و يسود الباطل و الفساد .فلا بد أن لا نتغافل
عندما نعمل عملا على الوعيد الإلاهي: ” ويل للمطففين .”

لهذا لا بد من الإتقان الذي يكسب الأشياء قيمتها و الجودة في العمل فهو الذي يرتقي بالإقتصاد
الوطني فننافس السلع الأجنبية و خاصة أننا في عصر العولمة و الصورة و الإستثمار .فلن
نتخلص من التبعية الإقتصادية إلّا بالصدق و الأمانة و الإخلاص في العمل
فإلى أي مدى كان العامل مخلصا في عمله و في آداء واجبه المهني ؟
إن للإخلال بالواجب المهني خطورة كبرى فالمقصر في آداء واجبه المهني أناني ميت الضمير
بل لا يخشى عقاب الله و ازدراء المجتمع بل منشغل بتحقيق حلمه الذهبي و هو الثراء بغير
مجهود فيقول توفيق الحكيم عن ذلك :”موظفكم ينظر إلى ساعة الإنصراف و لما يبدأ في العمل
و يهمه المرتب و الترقية و لايعنيه الإنتاج .و عمالكم يفكرون في زيادة الأجر و إنقاص العمل
و لا يهتمون بالإتقان و لا بمصالح الزبون .”
و نعين إخلال العامل المسؤول بواجباته المهنية في مظاهر عدة تتمثل في تعطيل مصالح الناس
و أعمالهم بمماطلتهم فيقول أحمد حسن الزيات :”فإن لي عملا يدخل في اختصاصه مضى عليه
سنتان و كان يكفي لإنجازه يومان .”
إضاعة وقت المواطنين و سوء إستقبالهم و عدم إحترامهم فيقول الزيات :”أهملني عند سكرتيرة
ساعة ثم خرج من مكتبه غیر آذن و لا معتذر .”
و لعمري أبرز آفة في الإخلال المهني تبجيل أصحاب الوسطات و إهمال غيرهم من المواطنين
فلمقابلة المسؤول أردف الزيات قائلا : يقابل”النائب و الصاحب و القريب فدخلوا و خرجوا ثم
دخل قبلي من جاء بعدي حتى لم يبق في شرف الإنتظار إلا أنا ورجلان من أصحاب العمل .”(من
وحي الرسالة)
إن إخلال المسؤول بالواجب المهني يورث العنف و التخلف لذلك وضعت الكثير من التراتيب
للقضاء على هذه الظاهرة مثل مصلحة الدفاع عن المستهلك و المحكمة الإدارية و الموفق الإداري


5. البطالة و أخطارها على الفرد و المجتمع :


أ. البطالة :
تعاني المجتمعات من البطالة و تصل نسبة البطالة في المجتمع العربي إلى 12.5% و في تونس
%15.5 و هناك من يصنفها إلى قسمين أولى اختيارية و ثانية إجبارية والبطالة الإختيارية :
هناك من الشباب من يفضل البطالة اختيارا منهم و يرون الحياة بالعمل عابسة لا تزهو فتعلقوا
بالفراغ حتّى جعلوا أوقاته طاغية على أوقات العمل فأضحت ساعات اللهو هي لب الحياة
خرجت عن منطق العقل
فهم يرون الحياة بالعمل أشبه بعقاب جماعي يجز الإنسان إلى الوهن و الفناء فقد يتكل الشاب على
و ما يجود به والداه مخيرا حياة الخمول .
فما العمل عندهم إلا شقاء أبدي مضر بالإنسان فانظروا إلى ذلك العامل و قد نحل جسمه و غارت
عيناه فتبا لحياة بها جهاد أبدي فإما يشتغل تحت أشعة الشمس الحارقة أو الأمطار المتهاطلة بين
المسحاة و الأتربة أو بين شبكة الصيد و المياه أو بين انحناء الظهر و المكنسة و غبار الطرقات
و قد بلغ منه الإجهاد أي مبلغ فكثير من شباب اليوم يحتقرون الأعمال اليدوية و المهن البسيطة
كالنجارة و الحدادة و الفلاحة و غيرها من الأعمال و ينزلون أصحابها المنزلة الأدنى في السلم
الإجتماعي . فكيف لأصحاب الشهائد العليا أفنوا سنوات عديدة في تحصيل العلم و الإرتقاء في
السلم الثقافي أن يكون طموحهم مجرد عمل في مصنع تحت أزيز الآلات الذي يصم الآذان أو
إستنشاق الغازات و الغبار فيهدر صحته ووقته مقابل دراهم قليلة لا تسمن و لا تغني من جوع و
هو الذي يطمح من خلال شهادته العلمية إلى الثراء و الرفاهية .فلا يمكننا أن ننكر أن حلم الشباب
الذهبي سيارة و فتاة فيقول توفيق الحكيم :”و شبابكم أصبح مثله الأعلى يتلخص في كلمتين سيارة
فتاة ولا يعنيه كيف يحصل عليهما بل كل أمله و هدفه أن يظفر بهما من غير جهد و لا جهاد .”
• البطالة الإجبارية:
أجبر جملة من الشباب العاطلين عن العمل على البطالة فقد استبدل أرباب المصانع العمال
بالأجهزة و الآلات التي تنجز المهام ذاتها فيتم تسريح العمال و الإستغناء عن خدماتهم .
كما يفقد الشباب العاطلون عن العمل مهاراتهم لعدم ممارستهم العمل لفترة طويلة الأمر الذي
ينعكس سلبا في إحجام أرباب العمل على توظيفهم .و يتقلب شباب اليوم بين أ أعمال عديدة نتيجة
عدم توفير المؤجر الظروف الملائمة للعمل، فيعاني من طول ساعات العمل و مشقته و العرف
الذي يزمجر من حين لآخر مقابل راتب زهيد فيخير البطالة على العمل ليحفظ ماء الوجه و ينتصر
لكرامته
و نأخذ مثالا آخر الموظفين الذين بلغوا سن التقاعد الوظيفي و فرضت عليهم البطالة و انقطعوا
قهرا و هم الذين يتقدون حيوية و نشاطا فيسقطون في هوة الإكتئاب و الإنعزال و لعل أبرز الحلول
و حتى يشعرون بوجودهم و فاعليتهم في المجتمع ممارسة العمل الجمعياتي و التكوين الذاتي لإتقان
بعض المهن و الأنشطة المنزلية مثل البستنة أو النقش على الخشب و الفخار و غيرها من الأعمال
المفيدة
و مهما كانت أنواع البطالة و أسبابها إختيارية كانت أو إجبارية فلا بد للعامل أن يتجاوز فشله و
عجزه في إيجاد عمل و يتحلى بالصبر و الجلد و الإنضباط و عليه أن يتجاوز كل النقائص ليأمن
من مخاطر البطالة و آثارها السلبية على الفرد و المجتمع .
ب. مخاطر البطالة على الفرد و المجتمع :
إن البطالة من أكثر التحديات التي تواجه المجتمعات في وقتنا الحالي فتنعكس آثارها السلبية على
الفرد و المجتمع .
على الفرد :

الإكتئاب و الأمراض الصحية :فقد تؤدي البطالة إلى ارتفاع نسبة الإنتحار في صفوف العاملين و
يفقد العاطل الثقة بالنفس و احترامه لذاته خاصة عندما يلتجأ إلى التداين و السؤال فتحاصره المذلة

و الهوان و يصبح عالة على الآخرين .لذلك شبه جبران خليل جبران العاطل بالنبتة و الحشرة
الطفيلية أو اللص .فيقول:”لا أستطيع أن أقول في هؤلاء أكثر أو أقل ما أقوله في النباتات
الحشرات الطفيلية التي تستمد حياتها من عصيرة النبت العامل و دماء الحيوان الساعي .”أوالعاطل
ما هو إلا “لص سرق حلي العروس ليلة عرسها ‘
من الناحية الصحية فإن البطالة من مسببات الفقر و الفقر سببا في سوء التغذية فينجر عنه أمراض
عديدة

على المجتمع :
تظهر الآثار السلبية للبطالة على المجتمع في الزيادة الكبيرة لمعدلات الجرائم و السرقة و السطو
و العنف و ذلك نظرا لشعور العاطل بعدم قبول المجتمع له .
بارتفاع نسبة الطلاق في الأسر بسبب البطالة يشتعل فتيل الإنحراف و يكثر الإدمان على التدخين
و شرب الخمر و المخدرات و الرذيلة بسبب عدم قدرة العائلات على إعالة أبنائهم .
و ينتهي المطاف بالعاطلين عن العمل إلى الهجرة غير الشرعية خارج البلاد مما يقود نحو فرض
الدولة للعديد من القيود الصعبة في هذا الأمر
تزيد البطالة في تعميق اختلال العلاقات الإجتماعية و تفككها بين الأشخاص و تعمق الطبقية في
المجتمع فيسود التباغض و الكره و الحسد الناس


التأليف :


و مهما يكن من أمر, فإن العمل يبقى نعمة على الفرد و ارتقاء بالشعوب و الحضارات فالحياة بغير
عمل حديقة جرداء و ما العمل إلا ثمار و ورود تلك الحديقة وفي حين أن المتقاعس عن العمل
المتشبث بأعذار واهية ساقط لا محالة في هوة الشقاء .
و لا بد من العمل ثم العمل فمن توفرت لديه عزيمة فياضة و ارادة قوية لينطبق عليهم قول الشابي:
” وفي العزيمة قوات مسخرة ***يخرّ دون مداها اليأس و الأمل”
بل يشير الرسول صلى الله عليه وسلم إلى من توفرت فيه الإرادة و الطموح في قوله:”لو تعلقت
همة المرء بما وراء العرش لناله.”
فالقصور النفسي هو الذي يدفع إلى اختيار البطالة فحتّى الإنسان الذي يملك قصورا جسديا يستطيع
أن يتحداه و أبرز دليل على ذلك أن عباقرة التاريخ و المبدعين لم يثنهم قصورهم الجسدي من تخليد
أعمالهم و كتابة أسمائهم بالذهب مثل المعري و بتهوفن و طه حسين و القائمة تطول بغيرهم من
المبدعين .لهذا متى توفرت الإرادة و العزيمة و الطموح تمكن الإنسان من تجاوز مصاعب الحياة.

العودة لصفحة شرح نصوص محور العمل

زر الذهاب إلى الأعلى
MENU

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم مانع الإعلانات على متصفحك. الرجاء غلقه لتواصل التنقل داخل الموقع.