البكالوريابكالوريا آداب

ملخص مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر – بكالوريا آداب

تلخيص مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر

يقدم لكم الموقع التربوي نجحني ملخص مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر. شرح وملخص مفصل للمحور من قضايا وأساسيب.

ملخص مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر
ملخص مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر


1-القضايا


القضايا السياسية:


علاقة الراعي بالرعيّة:

تباينت العلاقة بين الراعي والرعية، حيث أنها كانت متباعدة وغير متينة، إذ أنها علاقة عموديّة، وقد انبنت هذه العلاقة على استسلام وخنوع وذلّ الرعية، حيث يغلب عليها الخوف والجزع، لذلك كان لهم استقلال عن الشأن السياسي وعدم الخوض فيه ويظهر ذلك من خلال قولهم “ما لنا نحن وشؤون السيادة” وقولهم “ننزوي في بيتوتنا ونتفرج”  دلالة على الاستسلام والهروب والخوف من قطع الرأس حيث ينصبّ جل” اهتمامهم في توفير الأكل المعيشة والأمان “نشتر خبزنا وننزوي في بيوتنا”، يقول الرجل الثالث: “سرّ الأمان تعلمناه من الجلادين وسياطهم المرصعة بالمسامير” ويقول الرجل الاول: ” ومن جراب الحراس وعيونهم” وتقول المرأة الثانية: “ومن السجون التي لا تنفتح أبوابها إلا على الداخل”. فالصراع عن السلطة والمنصب لا يهمهم ولا يعنيهم “فخار يكسر بعضه”.

من جهة أخرى يظهر الراعي في دور التهميش والإقصاء لطرف الرعية والاستخفاف بهم في  صورة ما إن طرقوا أعينهم إلى الخلاف الكامن بين الخليفة والوزير “يقول الوزير: العامة ! ومن يبالي بالعامة؟ لا .. هؤلاء لا يثيرون أيّةَ مخاوف. يكفي أن تلوِّح لهم بالعصا حتى يمحوا وتبتلعهم ظلمات بيتوهم” علاقة استغلال وإثقال كاهن الرعية بالضرائب.

 والكاتب من خلال هذا ينقد الهون والجمود الذي وصل إليه المجتمع العربي والذي بقي فيه؛ إذ من خلال ذلك يطرح حلا بديلا لهذه الظاهرة من ضعف العامة إلى أن يجعلوا العمل الجماعي والكلمة الجماعية هي الحلّ والسبيل للخلاص من خلال قول الرجل الرابع: “لا أستطيع بمفردي أن أصلح ولو زاوية صغيرة في غرفة” مثلما كان الحال مع جابر أراد وحده ولمفرده أن يصلح ويغير من شأنه إلا أن مصيره كان قطع رأسه.  ووجب أيضا أن نتجنب التخويف والترهيب الصادر من السلطة أو من وسائلها، لأن القهر الجماعي لا يولد إلا نماذج من المجتمعات الخائفة، لذلك كان مجتمع بغداد مجتمع يتّصف باللامبالاة شعارها “من يتزوج أمنا نناديه عمنا”. إنها علاقة قائمة بين مصالح تعلقت بالراعي لا بالرعية قامت على الغدر ومن ذلك علاقة الوزير بجابر التي قامت على مصلحة ثمّ غدر بقطع رأسه.


علاقة الراعي بالحاشية:

تتعلق هذه العلاقة بمن هم في السلطة أي بالخليفة ووزارئه ودواوينه وغير ذلك، حيث تجلت هذه العلاقة في ظاهرة الصّدام والتباعد وعلى رغبة السلطة، حيث نجد علاقة رغبة من قبل الخدم ومساعدي الوزير في السلطة والتي تتمثل في علاقة الوزير وجابر، رغبة في التخلص منه لأن السائس كما يقول الأستاذ الأزهر بنرحومة “السائس لا يطيق حوله في حاشيته أذكياء بل لا يطلب من الحاشية سوى الولاء لذلك يستمر ياسر في غبائه ويبقى منصور بخوفه وتردده ويقتل جابر ذكاؤه الوقاد”.

ونجد من جهة أخرى علاقة تلائم بين الوزير ومساعده عبد اللطيف اللذان يعمدان إلى الخطط والدّهاء والمكر والخيانة للإطاحة بالخليفة مما دفع الوزير إلى الاستقواء بملك العجم يقول الوزير: “الجيش الغازي يأتي ليحمي مصالحنا ويجهّز لنا كرسي السلطة”.  علاقة احتقار من الوزير لمماليكه، وتوجّس ومصانعة وخدمة من الحاشية؛ فكانت العلاقة بين الراعي والحاشية متعفنة وتنخرها المكائد يخبرعن خراب محتم للرعية قبل الراعي فالصراع بين الخليفة و وزيره على عرش الخلافة ما هو إلا صورة رمزية لتكالب الأحزاب و الأطياف السياسية على الحكم في البلاد العربية…  وهذا ما يدل على أن غياب الكفاءة السياسية والحنكة لإدراك شؤون الدولة والتحكم بها، ومن هذا يطرح سعد الله ونوس مسألة أن صلاح الحاكم أو السلطان لا تتأتّى إلا من خلال صلاح الحاشية بأن تكون لها الولاء للسلطان ولخدمة الرعية لا إقصائها وإبعادها عن أنظار الخليفة.


القضايا الثقافية والاجتماعية:


المثقف والمجتمع:

تتمثل هذه العلاقة في المثقف من جهة حيث يمثله في الركح الأول الحكواتي وفي الركح الثاني الرجل الرابع، هي صورة للرجل الواعي الذي فقه المرحلة التي يعيشها ومستوعبا لما يجري من حوله غير غافل ولا فاقد بصيرته، المثقف الذي حارب الهامشية والجمود والقائل بالتمرد عن الواقع الذليل والمواجهة والإصلاح الجماعي، هو رجل اللحظة والموقف لا يريد أن يسلّم نفسه للسلطة ويكون لعبة لديهم، لقد عمل الرجل الرابع على توعية المجتمع وإقناع الجماعة بأن الطريق الحقيقي هو الوعي لا التبعية كالأنعام،  ودعاهم إلى عدم الرضا بما يدعو إليه الوزير وبما يحصل بينه وبين الخليفة من صراع لكن المثقف منفرد الصوت ليس له قوة ولا إرادة كافية ليغير الواقع ويجسد موقفه إذ من خلال ذلك يطرح حلا بديلا لهذه الظاهرة من ضعف العامة إلى أن يجعلوا العمل الجماعي والكلمة الجماعية هي الحلّ والسبيل للخلاص من خلال قول الرجل الرابع: “لا أستطيع بمفردي أن أصلح ولو زاوية صغيرة في غرفة” مثلما كان الحال مع جابر أراد وحده ولمفرده أن يصلح ويغير من شأنه إلا أن مصيره كان قطع رأسه. أراد ونوس أن يعلوَ بالجماعة إلى سماء الفكر والوعي، إلا أن الجماعة لم يستجيبوا وكأنه مجنون أو ساحر يتحدث لغياب الوعي وسيطرة الخوف والذّلّ في وقع نفوسهم وأذهانهم حتى تسرّب هذا الخوف والرهبة إلى نفس المثقف الذي يجسّده من جهة أخرى منصور رمز الوعي المتخّفي الخائف. حتى فقد الجماعة الحس الوطني كما هو واقع الأمة اليوم كل يوم تنقص تلك النفحات والشعور بالاعتزاز الوطني والإقليمي.


علاقة العقل والعاطفة:

إن الصراع بين العقل والعاطفة في مسرحية رأس المملوك جابر” إنما هو صراع عبر عن انفلات في توظيف كلا الطرفين عبر عن غريزة جامحة كانت سببا في مصير مفزع، إذ يؤكد من خلال هذه العلاقة المضطربة بين العقل والعاطفة إلى ضرورة التحكم في الشهوات  وإخضاعها وعقلانيّتها يقول: “ضّيق أفق جابر وقصور وعيه واستبداد المطامع الفردية به” فإن شخصية جابر شخصية غير متزنة حيث أشار إليه “أنت لا تقدر الخطر الذي يحيط بنا” لغياب الوعي وسبق العاطفة في الحضور؛  ليؤكد سعد الله ونوس أن العقل منتصر على العاطفة إذ يعبر العقل عن المستقبل الواعد والواقع الحقيقي لا ما تمليه تخيلات العاطفة لذلك وجب ضرورة تحكيم العقل على العاطفة حتى لا نصل إلى نهاية مأساوية، لأن العاطفة أمر لا يتحدّ شخصية من يتحكم فيها ولا تخدم إلا المصالح الفردية لا العقل الذي هو ميزة كونية شمولية.


مسألة الشرف والسعادة:

طرح سعد الله ونوس من خلال هذه العلاقة بين الشرف والسعادة مسألة أخلاقية اجتماعية وفي سياق سياسي حيث تفاوتت أنظارهم إلى السعادة، حيث ضحّى الوزير بأمة لأجل مصالح خاصة وفردية أنانية والسعادة في منظور جابر هي امتلاك أدوات السمو المحققة للشرف والعلو الاجتماعي،  وليطرح قضية الشرف في مثال أبلغ وهي كسب السعادة من خلال التفريط في الشرف ويظهر ذلك من خلال الرجل الثاني دعوته زوجته  بأن تفرّط في الشرف مقابل توفير لقمة عيش. حيث تنتفي مظاهر الشرف والأخلاق عند الحاجة والضرورة التي تحاصر الفرد.


الزمن والتاريخ:

رغم اختلاف الأزمنة وتباعدها، بين القرن السابع للهجرة زمن تدهور الخلافة العباسية والقرن العشرين ميلادي زمن أزمة حزيران 1967، إلا أن سمات المجتمعات العربية بين العصرين والزمنين متشابهة ومتماثلة في هون المجتمعات العربية وتذللها وجمودها الفعلي في صنع المجد والرّقيّ الحضاريّ الذي توقف ربما في ذلك الزمن الأول، حيث أن الزمن رغم تباعده إلا أنه فقد رمزيته إلى جعله زمنا واحدا نظرا إلى نظرة الزبائن التي تفتقد إلى الوعي بالتاريخ والزمن،  إذ أنهم لا يطلبون التاريخ لتمكين زمنهم هذا مزيد الفهم والوعي به بقدر ما يطلبون التاريخ لتمضية الزمن الحالي وتقصير الوقت لطوله، إذ يدعو ونوس إلى إعادة قراءة التاريخ والزمن لكونه جملة من النتائج المتولدة عن أسباب قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية، أردا من خلالها ونوس أن يتجاوز زمن الانحطاط وتاريخ مشين بالهزائم والسقوط إلى تاريخ جديد يبنيه أبناء زمانه، حتى يقرأ المتلقي الواقع العربي قراءة موضوعية تبين له أوجه الاختلاف والائتلاف بيهما ليكون تعليما للأمة العربية وإرشاداد لها.


2-مسرح التسييس ومسرح التغريب


مسرح التّسييس:

إن الظروف والتغيّرات التي تطرأ على المجتمعات، لطالما كان  لها أثر بليغ على نمط العيش وتأثيريها على المجتمع ثقافة وتصورا للحياة،ولم يقتصر هذا التأثير على المجتمع فقط بل على نمط الفنّ أيضا، فإن أحداث النكسة لسنة 1967، هذا الحدث السياسي العربي والإقليمي قد عرج بالفرد والمجتمع العربي الذي شعر في فترة بفقدان قيمته إلا أنّ وتيرة الصدمة التي عاشها المجتمع العربي بعد نكسة 1967 لم تدم طويلا بأن صعد جيل واع وناقد حملهم إلى التّصدي لها عبر النمط المسرحي ليميل إلى الجانب السياسي أكثر من السابق، ليتّخذ المسرح منعرجا جديدا في مضمونه وشكله من الناحية السياسية لان المسرح لا يستطيع أن يدير ظهره بأي شكل ما للأحداث السياسية؛

وهذا يعتبر مظهرا إيجابيا بالتالي تكون المسرحية غير مجرّدة عن الواقع ناقدة له متحركة بحركة التاريخ، والتي بدورها تحمل المتفرّج إلى مواكبة حركة التاريخ والأحداث حتى يُدرك أنّ كل ما على الركح ومن مضمون  المسرحية إنما هو مرآة للواقع ونقلا لما فيه من قضايا تهمّ المتفرّج الذي بدوره يجب عليه أن يتّخذ موقفا ويكون حافزا على التسييس؛ يقول الأستاذ محمد الهاشمي الطرابلسي: ” ومن خصائص مسرح التّسييس عند ونّوس أنه يقوم على حوار بين مسرحتين؛ الأولة هي العرض المسرحي الذي تقدّمه جماعة تريد أن تتواصل مع الجمهور وتحاوره. والثانية هي جمهور القاعة الذي تنعكس فيه كل ظواهر الواقع ومشكلاته … لكنّ الفجوة بين الحلم والحقيقة كبيرة إذ تحول بين الحلم وتحقيقه حوائل عديدة منها ما يتعلّق بالتقاليد”.

هذا المسرح الذي يقوم على قاعدتين هما “الفكر والفنّ” يقول سعد الله ونوس: “يتحدد مفهوم التسييس من زاويتين متكاملتين، الأولى فكرية وتعني اننا نطرح المشكلة (…) أما الزاوية الثانية (..) تهتم بالجانب الجمالي”.

وفي هذا نجد أن المسرح عند ونوس هو مسرح واع وناقد من مقاصده الارتفاع والرقي بوعي المتفرّج وصلته بالواقع والحضارة، وبالتالي المسرح السياسي ليس غريبا على الفن العربي تحديدا الفن المسرحي الحديث حيث عرّفه ونوس – أي المسرح السياسي – بقوله: “المسرح الذي يهتم بالسياسة بشكل مباشر ويومي وملموس ومحسوس وبحدث من الأحداث، وبقضيّة من القضايا”

هذا الفنّ الذي قصد به الكاتب خلق جمالية على حد عبارة الأستاذ الطرابلسي بأن لم يقتصر التّسييس على الجانب المضموني فحسب بل تعدّاه إلى الجانب الفنّي، والذي يبحث فيه عن المتفرج الذي يتبنّى القضيّة وينقلها إلى أرض الواقع عمليًّا.


مسرح التغريب:

هذا المصطلح إقتنصه سعد الله ونوس من المسرح البريشتي، هذا المسرح اليوم يقوم على جعل مسافة بين المتفرج والعرض المسرحي حتى لا يندمج في المشهد وينصهر في شخصياتها وينفعل معها، بل أراده أن يكون محايدا، أراده الكاتب أن يكون منسلخا عن المشاعر التي تؤثر في العقل من شفقة ورحمة، إذ قصد أن يكون الموقف منبثقا من عقل المتفرج  لا موقفا مملى عليه.

وبسط هذا النوع استعمل الكاتب وئاسل مثل السرد وتقطيع الحديث به أو بالموسيقى …  حتى لا ينصهر مع طول المسرحية قصد التغيير والوعي بما يشاهده …

فليس المطالب به هو التطهير الأرسطي بقدرما هو التغيير المطلوب من المتفرج الذي هو جزء من الأمة ومن المجتمع حيث كسر سعد الله ونوس بالتغريب الجدار الرابع وكسر الإيهام سعيا منه إلى إحياء التغيير والتثوير والتفكير في شخص المتفرج.

ومن الطرق التغريبية هي إزدواجية الدور عند الممثل لكسر الخط النظمي عند المتفرج ليكون الممثل يؤدي دورين كدور الممثل لشخصية منصور والرجل الرابع، وكذلك يظهر التغريب في الجمع بين الماضي والخاضر ليبين أن العصر القديم هو عصر حديث في مضامينه وما تعتريه من إشكاليات واقعية؛ وأيضا نجد ونوس أنه قد ارْتَأَى له أن يقوم بتبديل الديكور أمام أعين المتفرجين لا وراء الستار، لأن ونوس لم يعد يهتم بالديكور كثيرا كما نجد ذلك في المسرح الكلاسيسي الذي يعير اهتماما كبيرا للديكور.


3-بناء النص المسرحي: السرد والحوار والسرد والمحكي

سعى سعد الله ونوس إلى المزج بين مساحتين قصد التقريب بينها إقامة حوار واع وهادف، كاسرا لتلك الحواجز الموجودة في المسرح القديم الذي يقوم بوضع مسافة بين المتفرج والمسرح، حيث قصد الكاتب بوصل المتفرج بالمسرحية مضمونا وشكلا من خلال اقتحام المسرحية حياة المتفرج الواقعية واليومية التي يعيشها بعين ناقدة ومنيرة تعالج إشكالات ذلك الواقع المؤسس إلى الكينونة الجماعية والمصير المشترك كما ذكر ذلك الأستاذ عماد الحاج ساسي.

هذا التضمين الذي قصد من خلاله الكاتب مخاطبة البشرية، الذي تخلص فيه – أي الكاتب – من الخطاب التقليدي القائم على الوعظ والإرشاد وبرودة في الخطاب إلى خطاب مباشر محفّز ومثير أيقظ الفكر الراكد ليتّخذ موقفا من الواقع والأحداث المحيطة به لا أن يكون جامدا وأن لا يُملَى عليه الموقف على حدّ عبارة الأستاذ الأزهر بنرحومة.

يظهر التضمين عبر الأدوات والوسائل الفنّيّة التي ركّبها الكاتب ليصل بين زمانين ويركب بينهما بين الحاضر والماضي، ليؤكّد أن الحاضر هو نفسه الماضي مرآة لمجتمع لم يتقدم وعيا وفكرا وذلك عبر التضمين الذي نجده في تضمين قصة داخل قصة أي تحتوي على الأخرى، عبر الحكواتي– العم مونس –  الرابط بين الأزمنة،  فللتضمين أوجها أوّلها تضمين قصة داخل قصة من خلال قصة الزبائن في المقهى كقصة إطار (في القرن 20م) وقصة مضمنة وهي قصة المملوك جابر (القرن 07  للهجرة زمن الخلافة العباسية)

وثانيها تضمين زمن داخل زمن (الماضي في الحاضر) بين القرن الـ 07 للهجرة زمن الخلافة العباسية والقرن الـ 20 زمن الكتابة وهو زمن السقوط جراء نكبة 1967 وسقوط بغداد من جديد سنة 2003، فالتاريخ نفسه كما ذكر الأستاذ الأزهر بنرحومة.

وزمن أحداث المسرحية عبر ما نجده من وسائل فنية ومؤشرات عن ذلك (المذياع: السابعة مساء…) من ذلك قول الزبائن: “كأن الزمان لا راح ولا جاء” ويقول أخر معلقا على جابر: “إبن زمانه” ، أي هناك صلة ورابطة بين الطرفين، ونجد أيضا علاقة تماهٍ بين المؤلف والراوي في توجيه الخطاب إلى البشرية كَكُلّ،  كما عبر عن ذلك الأستاذ الأزهر بنرحومة. وكذلك نجد تضمين متماهيا بين شخصيات المقهى وشخصيات القرن السابع للهجرة وشخصيات الجمهور المتفرج، كلّها تشترك في سمات محددة ومتبادلة وهي السلبية والخمول والجمود.


التناوب بين السرد والحوار:

يظهر التناوب بين خاصيتي السّرد والحوار في مسرحية “رأس المملوك جابر” عبر تداخل السرد والحوار في الخطاب من خلال السرد بما هو خطاب الحكواتي والذي يختلف طوله بين الطول والقصر وغالبا ما يكون مختزلا على لسانه ممهدا للحوار الذي نجده من خلال شخصيات الركح – الممثلون –ويتخلل هذا الحوار التعليقات الصادرة من الزبائن، وهذا التناوب بينهما نجده منتشرا على طول المسرحية، هذا التناوب الذي جمع بين فضاءات متعددة بين فضاء الشخصيات الممثلة للحكاية المضمنة  (الوزير ومن معه)  وفضاء المقهى من حكواتي وزبائن المقهى مع فضاء ثالث هو فضاء المتفرج الحقيقي، وهو خروج عن النمط المسرحي المعتاد التقليدي ينبني على الحوار بين شخصيات المسرحية – الممثلون – وبين المتفرّج وخلق علاقة تفاعل بينهما.

وهذا التناوب أو التداخل بين مساحات خشبة المسرح إنما هي وسيلة تمنع المتفرج من التأثر والانفعال مع ما يعرض أمامه حتى يكون المتفرج مستقلا بذاته عن المسرحية بينه وبينها مسافة وعي ونقد حتى لا تجعله ينصهر في المسرحية.


التناوب بين المرئيّ والمحكي:

يظهر التناوب بين السّرد والحوار في مسرحية “رأس المملوك جابر” في وجود قصتين مضمنتين، هي قصة الحكواتي والزبائن، الذي بدوره يسرد قصة المملوك جابر. بالتالي نجد المحكي المتمثّل في ركح الحكواتي “عم مؤنس” الركن الثابت أمام الزبائن الذي يسرد القصة ويحكيها، والركن المرئي الذي جسد المحكيّ عبر ركح الممثلين الذين يجسدون الحكاية التي يسردها الحكواتي وركح الزبائن المتأثرون بالحكاية.

كل ذلك كسر للإيهام والتأثر والإنصهار في الحكاية من قبل المتفرّج، ليكون الخطاب متداخلا بين المساحات للتجاوز مساحة الركح إلى مساحة المتفرّج حتى يتفاعل إيجابا مع المسرحية فكرا عبر توجيه الخطاب المباشر لهم كما هو موجه إلى زبائن المقهى ليتعلموا منه ولتبصير أعين المتفرج ونزع الغشاء عن الواقع حتى يدرك المتفرج خطورة المرحلة التي يعيشها والتي وجب عليه أن يكون متفاعلا معها تفاعلا إيجابيا،  لا سلبيا مثلما فعل الحرفاء ورعيّة الدولة العباسيّة.

بل أراد ونوس أن يكون المتفرج جزءًا من المسرحية عبر الارتجال والتفاعل لكشف الاشكاليات الواقعية والاجتماعية التي يواجها.


4-الاشارات الركحية

تعتبر الإشارات الركحية عنصرا هاما من عناصر المسرحية من حيث البناء المسرحي إذ لا تقل قيمة عن غيرها من الأدوات المسرحية. إذ أنها تكون ممهدة للسياقات التاريخية ومؤطرة للأمكنة والشخوص، حتى يتهيّأ المتفرج والسامع لاستعاب الحكاية وفهمها.


أنواع الإشارات الركحية:

الإشارات السردية:

تسبق الإشارات السردية الحوار أو تقطعه ونادرا ما تكون بعده تعليقا عليه، وهي إشارات مؤطرة للركح من حيث تحديد مكونات الركح وتحديد الحركات من دخول وخروج وانتقال على خشبة الركح (الخادم يحضر الشاي للعم مؤنس – نص لكل عملة وجهان)

الإشارات الوصفية:

وهي إشارات تنعى بتحديد ملامح الشخصيات الخارجية من هيئة يقول: “شاب تجاوز الخامسة والعشرين من عمره معتدل القامة شديد الحيوية” ، وملامح داخليّة تتمثل في استظهار الردود النفسية (الغضب / الفرح / الاندهاش / الخوف / … )  أو وصف المكان من حيث مكونات الركح والأثاث والديكور.

الإشارات الإيقاعية التنظيمية:

وهي ما تنظم الركح عبر انتظام الشخوص على خشبة المسرح والموسيقى أو صوت الراديو.


وظائف الإشارات الركحية:

تقديم الشخصيات من خلال الملامح الخارجية من هيئة يقول: “شاب تجاوز الخامسة والعشرين من عمره معتدل القامة شديد الحيوية” ، وملامح داخليّة تتمثل في استظهار الردود النفسية  (الغضب / الفرح / الاندهاش / الخوف / … ) حيث قال الراوي (نافذ الصبر – نص: التدبير جاهز يا مولاي).

تأطير الركح مكانا وزمانا من خلال تحديد السياقات التاريخية والمكانية في آن؛ سياق تاريخي قديم: (قال الراوي: مان يا مكان في قديم الزمان وسالف العصر والاوان، خليفة في بغداد يدعى شعبان المنتصر بالله …) وسياق تاريخي حديث وهو عالم المقهى المعاصر (نحن في مقهى شعبي … ثمة العديد من الزبائن .. في أرجاء المقهى).

مساعدة القارئ أو المتفرج من الفهم واستعات الحكاية.

تحديد الأثاث والدّيكوروالموسيقى والغناء والإضاءة   (يخفت الضوء في القاعة بينما يشتد على الكرسي التي يجلس عليها الحكواتي) (حزمة من الضوء على رأس جابر).

تجسيد الحركات: تحديد الحركات على الركح أي حركات الممثلين والأحداث ( تتم  رواية هذا المقطع على صوت خبب الخيول وصليل السيوف وصيحات الرعب بين حين وآخر يندفع بعض الذين مثّلوا عامة بغداد أو سواهم .. كلهم يدخلون وهم يصرخون ويمثلون إيمائيا تلقي الطعنات أو هتك العرض…).


5-العقد والنهاية والتراث


العقد في المسرحيّة:

لئن كانت العقد في المسرح الأرسطي تتمثل في العقدوة الواحدة إلا أن سعد الله ونوس قد تجاوز العقدة الواحدة إلى العقدة المتعددة والتي تتمثل في كثرة العقد التي صاغها الكاتب عبر تصعيد الفعل الدرامي ثم الإسراع بالقدم نحو الذروة وانهيار الفعل، وكما انبنت على التشويق من خلال سرد الحكواتي وهي كالآتي:

عقدة الوزير: حينما أخرج الرسالة إلى ملك العجم وما يخفيه فيها وتربص الخليفة للقضاء عليه.

عقدة الخليفة: المتمثلة في الإطاحة بوزيره وكيف يقطع الإمدادات عليه.

عقدة جابر: الذي ينتظر المصير المجهول المتمثل في قطع رأسه في عرض إيمائي وعقدة الظفر بزمرّد..

النهاية:

وقد أكد ونوس على دور الجماعة في العمل السياسي إذ لا جدوى من العمل الفردي كمطلب للخلاص بعد ان كان جابر آملا مريدا للتحرر من العبودية بطريقة لا أخلاقية من خلال الخيانة مقابل السعادة كان الثمن غاليا بقطع رأسه حيث تجلت النهاية في كونها نهاية مفزعة وتراجيدية، كانت مفاجئة للجمهور وللزبائن، وحتى لا يتواصل إنصهار الجمهور في الحكاية وفي شخصية المملوك جابر  “هذا المملوك شيطان … ابن زمانه” مما جعلهم لا يقبلون النهاية “إننا لا نقبل .. نهاية غير عادلة”  جعل عرض مشهد القطع إيمائيا وجسد رأس جابر المقطوع تتقاذفه الشخوص الأخرى في ما بينها، مشاهد لا توجد في المسرح الأرسطي احترما للمتفرج، من خلالها يستفزّ ونوس الجمهور ليدفعهم إلى إحياء الوعي والفكر لديهم، لا أن يصير مصير المجتمع نحو ما ذهب إليه جابر.


التراث: ودوره في بناء النّصّ المسرحي:

يعتبر التراث رافد من الروافد الكتابية والدرامية الهامة التي يستلهمون منها ويقتنصون مواضيع كتاباتهم، مثلما فعل سعد الله ونوس في مسرحية “رأس المملوك جابر”  لينهل من التراث العربي مكونات أساسية للمسرحية تتجسد فيها، وللمحافظ على الهوية العربية للمسرح العربي وجعله مواكبا للتطورات والتغيرات التي تطرأ على البيئة والمحيط الدّائر بها. ومن ذلك نجد أن الكاتب عاد إلى الحياة اليومية للجتمع العربي من خلال أطر مكانية وملامح الشخصية العربية وأبرز استلهامات الكاتب:


الحكواتي / كرسيّ الحكواتي:

يعتبر الحكواتي مظهرا من مظاهر التراث الشعبي الذي دأب عليه المجتمع الشرقي؛ ويعتبر قالب فني متواتر في المجتمعات العربية؛وهي شخصية تقص وتحكي القصص التاريخية والشعبية ويقوم اشخاص بتمثيل ما يحكيه ،  ولعل ما يجذب إليها المتفرج ما تتضمنه هذه الظاهرة من استحضار البطولات التاريخية الغائبة في الواقع المرير والراهن الذي فقد تلك المواصفات فهو يلهب المشاعر والأحاسيس عند المتفرج ويوقظها وهذا ما قصده سعد الله ونوس.


الحكاية:

استلم الكاتب من الحكايات التاريخية: حيث عاد إلى حكاية رأس المملوك جابر زمن الدولة العباسية في القرن 07 للهجرة لتكونخلفية لبناء الصراع الدرامي، وانتقى منه ما رآه يحاكي الواقع ويلامسه من تشابه ليعيد قرأة الواقع المأساوي للأمة في القرن الـ 20م ومما وصلت إليه من جمود مجتمعاتها.  يقول سعد الله ونوس: “لم يكن التراث بالنسبة إلي إلا وسيلة أو شكلا ساعدني على الاتصال بصورة أعمق بالراهن (…) أناأستعير الحكاية لكي أتحدّث عن الآن (…) لا تعنيني إلا بمقدار ما تستطيع أن تزيد فعاليّة عملي الفني الآن، بالنسبة للحياة الراهنة”.


الأمثال الشعبية:

نقل سعد الله ونوس أمثالا شعبية يتداولها رجال الشرق  من أمثال: (أما نحن فلا ناقة لنا ولا جمل) وقوله (ابعد عن الشر وغنّ له) وكذلك (من يتزوج أمنا نناديه عمّنا) وهي أمثال تورث إلا الذل والتواكل والهرب من استبدال الحال بأفضل منه وإيجاد البديل.


الأطر المكانية والزمانية:

وظف الكاتب المقهى كمان لسرد الحكاية، إذ لها صدى كبير في وقع الكثير من أفراد المجتمع الشرقي في مصر وسوريا وفلسطين، ولها طابع تقليدي، علاوة على الأمكنة التاريخية التي ترجع إلى زمن الدولة العباسية بشوارع وقصور بغداد.


الشخصيات:

أسماء الشخصيات (المعتصم بالله / عم مؤنس / العلقمي) أسماء تاريخية ومتداولة في المجتمع العربي وأهالي بغداد علاوة على سمات الحكواتي كشخصية شرقية عربية تمثل تراثا عريقا.  ولربما استلهم الكاتب رمزية الشخصيات وطبيعتها من مجتمع القرن السابع تحديدا أهالي بغداد لما فيه من الوهن والاستخفاف وهي صورة أو مرآة للمجتمع المعاصر “يقول الوزير: العامة ! ومن يبالي بالعامة؟ لا .. هؤلاء لا يثيرون أيّةَ مخاوف. يكفي أن تلوِّح لهم بالعصا حتى يمحوا وتبتلعهم ظلمات بيتوهم”.

إن العودة إلى التراث عند سعد الله ونوس ليس إستحضارا للهوية العربية  وتأصيل المسرح العربي فقط بقدر ما كان فضاءً لطرح القضايا والإشكاليّات التي يعاني منها المتفرّج العربي في القرن الـ20م ولربما كانت هذه القضايا ليست حديثة بقدر ما كانت قديمة مما جعل الكاتب يستلهم صورة للعربي الحديث من العربي القديم الشبيه له في هوانه وضعفه وجموده.


6-عناصر الفرجة:


الأثاث والدّيكور:


المؤثثات:

هو كلّ ما يظهر على الركح من مكونات من الأثاث الذي يركب دون أن يسدل الستار تحقيقا لوظيفة التغريب “أثناء كلام الحكواتي يجري تركيب غرفة على المسرح لها باب ونافذة ضيقة جدا، النافذة مشبكة بالحديد والباب مغلق يقف عليه حارس” ومن الشواهد أيضا ديوان الوزير والخليفة وملك العجم “يظهر ديوان الملك منكتم بن داود …  وهو فاخر الريش” علاوة على أثاث المقهى “ثمة عدد من الزبائن يتفرقون على المقاعد المبعثرة … يشربون الشاي … وبينهم يروح الخادم ويجيء حاملا صواني الشاي والقهوة”.


الإضاءة:

وظفت الأضواء لاضفاء جمالية على الركح ولمزيد الإثارة والتأثير مثلما وقع في مشهد حلاقة رأس جابر “تسقط حزمة ضوؤ على رأس جابر فينبثق منه لمعان”. وعندما قصد الحكواتي القص “يخفت الضوء في القاعة بينما يشتد على الكرسي الذي يجلس عليه الحكواتي”.


الموسيقى والغناء:

استلهم سعد الله ونوس من المسرح البريشتي جمالية الموسيقى خلال العرض وعند قطعه وكانت أغاني كلاسيكية في المقهى ومن ذلك غناء الصبية عند مشهد الحلاقة بقولها:

“يا معلم الحلاقين ..

بفن ومهارة

خل الرأس يصير مثل خدود العذارى”

وكما يمكن للموسيقى والغناء أن تتخلل الحوارات مثل غناء جابر على خبب جوده أو غناء الممثلين والزبائن في آخر المسرحية للجمهور.


الإيماء:

هي من وسائل المسرح البريشتي وقد أحكم ونوس توظيفها مثل مشهد سقوط بغداد، أو مشهد قطع رأس “المملوك جابر”.


7-الشخصيات والحوار


شخصيات المسرحية:


الحكواتي:

يعتبر الحكواتي مظهرا من مظاهر التراث الشعبي الذي دأب عليه المجتمع الشرقي؛ ويعتبر قالب فني متواتر في المجتمعات العربية؛ وهي شخصية تقص وتحكي القصص التاريخية والشعبية، ولعل ما يجذب إليها المتفرج ما تتضمنه هذه الظاهرة من استحضار البطولات التاريخية الغائبة في الواقع المرير والراهن الذي فقد تلك المواصفات فهو يلهب المشاعر والأحاسيس عند المتفرج ويوقظها وهذا ما قصده سعد الله ونوس. شخصية  تجذب السامع والمتفرج إليها ومتوازنة ورصينة، رجل تجاوز الخمسين من عمره،  محنّك ذو خبرة، صفاته تتناسب مع دوره الذي يجب أن يكون محايدا حتى تتحقق وظيفة التغريب لا أن يمليَ الأفكار والمواقفالجاهزة على الجمهور والزبائن بالتالي هو آلية من آليات كسر الإيهام ويخدم فكرة التغريب؛ يقول ونوس: “إن الحكواتي يمكن أن يحقق الاتصال الفوري بين الخشبة والصالة أي الزبائن والممثلين”.

هذه الشخصية عبر اسمهما “العم مؤنس” أنيس الجميع وواضع المتفرج في واقع مثيل له عبر كسر خاطر الزبائن في الحديث عن ظاهرةبيبرس وحرصه على احترام الترتيب الزمني قصد تجذير المتفرج في الواقع الراهن الذي يعيشه عبر صورة شبية لهذه المجتمع الضعيف في القرن 20م،  هو صورة عتيقة أصيلة تمثلت في السامر والراوي والمداح كما ذكر ذلك الأستاذ الأزهر بنرحومة … الحكواتي يضطلع بوظائف اهمها السرد فيسكر بذلك خطية الحديث بتدخلاته وباختصاره عن الحكاية وجزئياتها مثل قوله “وكان جابر يقطع الفيافي والقفار يتحسس رأسه”.

يعتبر الحكواتي قالب فني عربي، وكذلك خرقا صارخا للمسرح الأرسطي.


المملوك جابر:

يعتبر المملوك جابر بطابعه مقوما من المسرح البريشتي، لا الأرسطي ليس بطلا من النبلاء بل هو مملوك، يقول الحكواتي: “كان عند الوزير العبدلي مملوك يقال له جابر ولد ذكي وذكاؤه وقاد أينما حلّ يحل مه اللهو والمجون وكان كأهل بغداد آخر من يعنيه ما يجري بين الخليفة وسيده الوزير”. شهواني ودنيء الأخلاق “لو أستطيع أن ألمس هاتين الشفتين النديتين” حيث لم يتخلى ونوس عن البطل الملحمي فقد ظلّ وفيّا للمسرح الملحمي كما جعله سعد الله ونوس شخصية هزلية كوميدية “يفرك مؤخرته بباطن كفه وكأنه يساط فعلا”  مما يجعل من شخصيته تستعطف الزبائن في المقهى معه دلالة على انسياق الزبائن معه وفقدانهم للوعي مما يشتركان الطرفان في ظاهرة التغريب.

إن شخصية  المملوك جابر طموحية ونفّاحة تراهن على حلم زائف إلا أنه في الحقيقة يقود بنفسه إلى الهلاك بفقد العقلانية التي يجب أن تكون من سمته وسمة المجتمع لا النهاية التراجيدية التي وصل إليها لذلك طرح ونوس من خلاله خصّيصا مسألة العلاقة بين العقل والعاطفة من جملة القضايا التي أثارها من خلال مسرحية “رأس المملوك جابر”. حيث لم يكن رمزل للعاطفة والعقل فقط بل كان رمز السذاجة والخبث،  صفتان نجدها من خلال شخصية جابر، بين صفاء نيته وخبثه للوصول لما يريد دون تفكير.

شخصية تمثلت في كونه مملوك وغارق في اللهو، إنه مظهر من مظاهر الاغتراب.


الحوار المسرحي:

لا يمكن القول بأن المسرح يستقيم دون حوار فهذا بديهي. ومن مميزات المسرح عند ونوس أنه متعدد الاطراف ويتم بين طبقات مختلفة للمجتمع بين راع رعية / حاكم ومحكوم،  وكل هذه الاطراف تعبر عن قضايا ومواقف متعددة. وقد تراوحت مواضيع الحوار بين ما هو اجتماعي من قضية الغذاء والأمان وسياسية من سلطة ونفوذ وأخرى نفسية تناول فيها شهوانية جابر والشهرة وحبّ الظهور.


أطراف الحوار:

تنوعت أطراف الحوار فنجدها موزعة على الركح الاول: بين الحكواتي والزبائن؛ والركح الثاني بين المملثلين (المماليك / اهل بغداد / زمرد / الوزير / الخليفة / الجلاد).  هذه الأطراف المتنوعة والمتعددة بعثت موجهات على الحوار متنوعة من موجات نفسية ثقافية عاطفية اجتماعية …


بناء الحوار:

تراوح الحوار بين الطول والقصر والتوسط في المسرحية، وذلك حسب ما يقتضيه طبيعة الحوار وموضوعه، فنجد الطول غالبا ما يحضر في الحوار الحجاجي القائم على الإقناع،  وقد يقصر عند المواقف الصعبة او الانفعالات بين الممثلين أو بين أطراف الحوار. علاوة على ذلك فإن بناء الحوار قد كان تارة متصاعدا في القسم الأول وتارة تنازلي في القسم الثاني.


أنواع الحوار:

يمكن للحوار أن يكون ثنائيا أوجماعيّ وقد يرد فرديا في  الحوار الغير مباشر إنما يكون مناجاة ويظهر هذا النوع الأخير أي الحوار الغير مباشر والمتمثل في المناجاة عند الذروة أو الأحداث الانفعالية “جابر: يتكلم بلا ضابط ..الخوف والذهول يموجان في عينه ويختلجان في صوته”.


أصناف الحوار:

حوار توافقي:

حيث لا نجد في الحوار تشنج أو تضاد أو اختلاف، فتكون لشخصيات متلائمة؛ مثل حديث الزبائن في أول المسرحية:

زبون2: سيرة الظاهر، نفد صبرنا ونحن ننتظر.

زبون1: إي والله صار أوان سيرة الظاهر بيبرس.

زبون3: يا عيني على أيّام الظاهر.

حوار خلافي:

يكون هذا الحوار غير توافقي بين الشخوص حيث نجد الانفعالات النفسية حاضرة ومختلفة وفيها تتقابل الشخصيات من حيث علاقاتها فيما بينها لتبرز الاختلافات في المواقف والآراء؛  ويجسّد الحوار الخلافي خاصة “حوار الزبون الرابع مع بقيّة الزبائن” والحوار الذي دار بين جابر ومنصور وغير ذلك.


أساليب الحوار:

الحوار الحجاجي:

حيث ورد الحجاج بين الحجاج التعليمي في الحوار الصادؤر من الحكةاتي الموجه إلى الزبائن لعلها ترشدهم وتثير انتباههم ونجد في الحوار الحجاجي الحوار الجدلي الذي يسعى أحد أطرافه إلى إقناع الطرف الآخر (الرجل الرابع والبقية / الوزير وعبد اللطيف) أو يكون حوارا حجاجي سجاليّ كالحوار الذي وقع بين (جابر ومنصور أو بين الوزير وجابر).

الحوار التقريري:

الذي نجده في الحوارات العادية كالحوار السياسي أو حوار الرجل الرابع وغيره.


وظائف الحوار:

يضطلع الحوار بعدة وظائف أبرزها:

دفع الحركة الدّراميّة:

يبرز ذلك من خلال بناء الحوار الانفعالي الذي يأخذ بالأحداث نحو التّقدّم والذروة فيكون صراعيا دراميا بالأساس، لذلك غالبا ما يطرأ على الحوار الانفالات والتوتر بين الشخصيات في الحوار اليذي يطور الحبكة المسرحية.

الكشف عن الشخصيات:

وذلك من خلال الحوار الحجاجي أو الانفعالات يظهر الموقف متباينا بين الشخوص وتتبين الآراء والسلوكيات المتنوعة والمختلفة مثل موقف الزبائن الذي أظهر الخلفية الاجتماعية والثقافية ،  علاوة عن كشف طبيعة العلاقات بين الشخصيات كالتقابل بين منصور وجابر، أو التقابل بين الرجل الرابع وبقية الزبائن، أو طبيعة العلاقة القائمة بين الحاكم والمحكوم كالحوار القائم بين جابر والوزير والحلاق: يقو الحلاق “سمعا وطاعة”.

لغة الحوار:

هي لغة عربية فصيحة معظم الأحوال إلا أنها يتخللها بعض الألفاظ العامية، والتي تتحرك ضمن مرجعية تراثية، حيث يرى أن اللغة يجب أن تكون لغة مسرحية بامتياز فلا يمثل ذلك إشكال بين العامية والفصحى من حيث التوظيف، إذ يرى ونوس أن تكون اللغة الحوارية في النص لغةً حيّة وديناميكية قادرة على تطوير الحوار والمواقف التي يقصد من خلالها إيصال المقصد والغاية للجمهور  حتى لا يجد الجمهور حاجزا لفهم الواقع،  ولغة المسرح ترتبط بشكل مباشر بالواقع إذ يرى أن اللغة الفصحى قد لا تعبر عن الواقع بقدر كاف في إيصاله للمتفرج في القرن 20 الذي قد ضيّع اللغة العربية الصحى إذ العي ليس في العربية الفصحى تحديدا وإنما لتباين الفهم بين الجمهور.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم مانع الإعلانات على متصفحك. الرجاء غلقه لتواصل التنقل داخل الموقع.