البكالوريا

الخصائص الفنية والمضمونية في رواية الشحاذ – الرابعة آداب

يقدم لكم الموقع التربوي نجحني الخصائص الفنية والمضمونية في رواية الشحاذ بكالوريا آداب. من ضمن محور رواية الشحاذ للسنة رابعة آداب.

الخصائص الفنية والمضمونية في رواية الشحاذ
الخصائص الفنية والمضمونية في رواية الشحاذ


من الخصائص الفنية لرواية الشحاذة


البنية القصصية :
لم يلتزم محفوظ بالمسار الخطي في بناء الرواية لذلك لا ترد الأحداث خاضعة لنظام بل محكومة بالوضع النفسي والذهني للبطل. فهي تتفتح بلحظة التأزم ثم يتشعب السرد في اتجاهي البداية والنهاية وهي طريقة فنية تحقق مشقة القراءة.
لكن يمكن التأكيد على أن الكاتب حافظ على منطق التدرج فمن أعراض الأزمة محاولة التشخيص إلى رحلة البحث عن العلاج وصولا إلى الفشل. وحاولنا المسار الحدثي في بنية ثلاثية سعيا إلى التبسيط والإيضاح :
وضع البداية : وتمثل في تضخم وعلي البطل بالاختلال تضخما دفع به إلى محاولة تشخيص الأزمة بزيارة الطبيب حامد صبري (الفصل الأول).
سياق التحول : وفي هذا المسار سعى البطل إلى اختبار مسالك بحثا عن الخلاص من أزمته فسلك سبيل الحب والجنس مع مارجربت ووردة فلما أعياه البحث صعد الرحلة إلى مجال الروح حتى سقط في العبث. ويقوده البحث عن معنى الحياة إلى اختبار الشعر أي الفن ثم إلى الاستسلام للتسول في الليل والنهار إلى حد الضياع والتيه (من الفصل الثاني إلى الفصل التاسع عشر).
وضع الختام : أي النهاية التي تميزت بالفشل في إدراك اليقين مطلقا. فقد عاد عمر إلى الواقع في آخر الرواية وهذه العودة علامة على فشل مسيرة البحث عن معنى الحياة لتنتهي الرواية متوترة مثلما بدأت متوترة (بقية الفصل التاسع عشر).

بناء الشخصية
عمر الحمزاوي شخصية استقطابية لا نعثر عليها جاهزة خارج النص السردي بل نكتشفها تدريجيا عبر القراءة، فمع تقدم السرد وتراكم الوقائع وتفاعل الشخصية مع الشخصيات الأخرى تدرك ماضيها وحاضرها وتستشرف مستقبلها. فإذا نحن
أمام شخصية مركبة ذات بناء متعدد الأبعاد:
البعد الشكلي : ونعني به الملامح الخارجية والصورة الجسدية لعمر الحمزاوي. فبعض المقاطع الوصفية حاولت تحديد ملامح البطل مثل البدانة “لكنك سمنت كثيرا كأنك مدير شركة من العهد الخالي ” والوجه ” ضحكت أسارير الوجه الأسمر المستطيل الممتلئ” وكذلك الشعر “مح عمر شعره الغزير الأسود الذي ترى شعيرات سوالفه البيضاء…” وأشار الراوي إلى طول قامته..”. ووقفك وجها لوجه، عمر بقامته الطويلة..”.
البعد الاجتماعي : من عمر بمرحلتين متمايزتين هما مرحلة الشباب الثائر الحالم ثم مرحلة العمل والنجاح، وقد كان في المرحلة الأولى فقيرا مؤمنا بقضية المقهورين يطمح إلى الثورة والتغيير وإرساء دويلة الملايين والمثل النبيلة. أحب وتزوج رغم العراقيل والتقاليد، كان يؤمن بالفن الهادف الملتزم وكتب شعرا وجدانيا رقيقا.
واهتزت شخصية عمر أمام حدثين هامين في هذه المرحلة هما إلقاء القبض على عثمان وقيام ثورة يوليو التي رفعت شعارات ثورية وتولت أمر بناء دولة الملايين. الحادث الأولى أضعف الحس الثوري لدى عمر والثاني دفعه إلى
الانسجام مع السائد الاجتماعي “ما دامت الدولة تحتضن المبادئ التقدمية وتطبقها أليس من الحكمة أن نهتم بأعمالنا الخاصة.” وهكذا دخل عمر في في مرحلة جديدة، فقد تحول من فقير إلى غني ومن موقع الحرمان والثورة إلى
موقع الشراء والاستفادة من الأوضاع القائمة. فهو الآن.. “رجل ناجح ثري الأزمنة وتصرف القصاص فيها.
الزمن معطى أساسي في البناء السردي للرواية. فالشخصية تتأمل وتستحضر وتحلم متطلعة فتتداخل عناصر الزمن أفقيا وعموديا .
ودراسة الزمن هي دراسة لحركة السرد ونظامه في علاقتهما بالبطل عمر الحمزاوي فالأحداث لا ترد وفق خط أفقي وإنما يتلاعب بها السارد ويهشمها كي ولد الله القراءة ، ويمكن أن نتناول الزمن في رواية الشحاذ بالاعتماد على أحدث
ما توصلت إليه المدارس الغربية في دراستها للزمن الروائي.
السوابق: وهي إيراد أحداث لم تبلغها نقطة السرد بعد. فهي عملية استباق وقفز على المسار الحدثي للرواية. وهذه الطريقة محدودة في “الشحاذ”. ومن الأمثلة النادرة هذا المقطع “سوف تفقد الوزن في النهاية وتسبح في الفضاء، أشدد قبضتك على الأشياء وانظر إليها طويلا، فعما قليل ستختفي ألوانها، ولن يكترث له أحد”.
ولايخفى ما في هذا الخطاب من تنبؤ بمصير عمر في آخر الرواية.
اللواحق : وهي تمثل رجوعا إلى الوراء أي إلى نقطة زمنية من الحكاية تفصلنا عنها مسافات، واللواحق سيرة في الرواية خاصة وأن البطل كثيرا ما تستبد به الذكرى وبها حبه الماضي بكل عنف كأن يتذكر أيام كفاحه في هذا المقطع “وقديما قطع الشاب التحيل ابن الموظف الصغير القاهرة طولا وعرضا على قديمه دون تذمر”.
وتنهض اللواحق بوظائف عدة منها :
تدارك نقص أو توضيح غموض متابعة وجدان البطل وكشف مشاعره المتضارية.
إبراز حدث هام مثل تذكر البطل لسجن عثمان.
التواتر : ونعني به دراسة كم الأحداث في النص مقارنة بتكررها في الحكاية ويمكن أن نقف عند أشكال ثلاثة من التواتر :

القص المفرد : ونجد فيه تطابقا مطلقا بين أحداث الحكاية وتكررها في النص.. فتجارب عمر تسرد مرة واحدة في النص.

وقريبا سيخرج الماضي من السجن فيتضاعف عذاب الوجود”، فجوهر هذه الرواية أنها رحلة من السجن إلى السجن أو من الصمت إلى الصمت كما يقول البطل.
أما بقية الأماكن فإنها تتراوح بين الانغلاق والانفتاح. يجمع الصنف الأول المنزل والمكتب. ويجمع الصنف الثاني بين ملهى باريس الجديدة وملهى كابري والبيت الذي أعده لوردة والخلاء سواء في الصحراء عند الهرم أو بعيدا في
الريف. فالصنف الأول المنزل والمكتب صارا مرادفين للسجن إذ ارتبطا بمرض البطل المتمثل في كراهيته لبيته ولمقر عمله. وتحولت هذه الكراهية إلى قطيعة فهجر بيته وانقطع عن مكتبه. يقول معبرا عن كرهه لبيته.” فلا مفر من الجوع إلى الحجرة الكتيبة، حيث لا نغمة ولا نشوة، متطاردك عينان حزینتان وجدار صخري، واستبدت به السامة وطوقه الضجر ليصبح المكتب مصدرا للإحساس بالشقاء، ما أغرب الذهاب كل يوم إلى المكتب. مكان غريب لا معنى له فمتى توجد الشجاعة الكافية لإغلاقه.
الأمكنة بدت عفنة خانقة، راكدة آسنة. لذلك سيبحث عن أمكنة منفتحة تتحرر فيها الروح، وتسري فيها الحركة بعد الركود. ونعني بها الصنف الثاني الذي تميز بالانطلاق والاتساع مثل الصحراء التي العتق فيها البطل من كل القيود بعيدا
عن سلطة القانون والعرف والعادة وعائق فيها النشوة الأبدية ” ها أنا أضرع إلى الصمت أن ينطلق وإلى جثة الرمل أن تنطلق قواها الكامنة وأن تحررني من قضبان عجزي المرهق…… والنموذج الثاني هو عش الحب الذي اتخذه لوردة والذي كان نقيضا لعش الزوجية، ففيه عاش متعة المغامرة ولذة السفر بحثا عن معنى الحياة .

إذ جعل في هذا المنزل” حجرة شرقية تحيي في الخيال أحلام ألف ليلة وليلة” وحتى البيجاما الضيقة استبدلها بجلباب واسع وجمع في مكتبته كتب فارس والهند.
المكان في رواية الشحاذ مثقل بالرموز. فالصنف الأول رمز الاختناق والمرض والصنف الثاني رمز الانعتاق والتحرر . إذ التحرر من المرض هو في النهاية تحرر من سلطة المكان (البيت / المكتب…).

الأزمنة وتصرف القصاص فيها
الزمن معطى أساسي في البناء السردي للرواية. فالشخصية تتأمل وتستحضر وتحلم متطلعة فتتداخل عناصر الزمن أفقيا وعموديا .
ودراسة الزمن هي دراسة لحركة السرد ونظامه في علاقتهما بالبطل عمر الحمزاوي فالأحداث لا ترد وفق خط أفقي وإنما يتلاعب بها السارد ويهشمها كي ولد الله القراءة ، ويمكن أن نتناول الزمن في رواية الشحاذ بالاعتماد على أحدث
ما توصلت إليه المدارس الغربية في دراستها للزمن الروائي.

المرات أحداث جرت مرة واحدة في النص المكرر : أن ترد فيه هو لقاء الحكاية تأكيدا على قيمتها في نفسة البطل وفي مسار الرواية، والمثال الطاغي بموكله الذي حدث مرة واحدة لكنه ظل يتردد في النفس باعتباره قادها يغني أزمة البطل.
القص المؤلف : أن يسرد في النص مرة واحدة ما حدث في الحكاية مرات كثيرة، كأن نرد رحلات عمر المتكررة مرة واحدة “وتعددت رحلاته بلا هدف إلى الفيوم أو القناطر أو طنطا”.
الديمومة : تعني دراسة العلاقة بين الحيز الذي استغرقته الوقائع في الحكاية.
والخير الذي امتدت عليه الأحداث في النص، وقد يساعد على تبين نسق السرد
وتتجلى الديمومة في الضروب التالية :
الرد المجمل : إن تلخص السنوات الطول في جمل قصار كقول عمر لعثمان “انشغل كل بعمله : وتقدم بنا العمر على نحو ما : ثم قامت الثورة وانهار العالم القديم”.الخصائص الفنية والمضمونية في رواية الشحاذ

الإيقاف ؛ قطع الأحداث واستمرار النص بمقاطع وصفية مثل إيقاف الأحداث المتمثلة باستقبال عثمان لإيراد بعض ملامحه أو إغراق البطل في بعض التأملات أو الذكريات. فتتعطل حركة الأحداث لتهيمن الرؤى والأحلام.
الإسقاط ؛ فبعض الأحداث مضمنة ولا نجد لها حضورا في النص، وإنما أسقطها الراوي ليقفز إلى مرحلة تالية لها مثل إسقاط الأحداث التي وقعت في الفترة الفاصلة بين تعارف عثمان وينيئة وزواجهما.
الحوار الباطني والحلم :
الحوار الباطني :
تلقى المسافة بين الذات والذات في الحوار الباطني وتغيب الوساطة، فتتعرى يرصد انفعالاتها لحظة ولادتها. وقد تنوع
القارئ شاهدا عليها الشخصية.
الحوار الباطني في الرواية فجاء في شكل محادثة يوجهها البطل إلى ذاته. فنكون إزاء صورتين متضادتين من الذات يقول عمر “وأرهقك الصمت وألح عليك الحرمان، وفتح الحب موجها إلى طرف آخر لكنه لا يعدو أن يكون مواجهة لا تتجاوز ذات ذراعيه وأثبت الشعر أنه لا قدرة له على الامتلاك…”.
المتكلم، وتعبر عن عجز عن مواجهة المخاطب. ومن أمثلته قول البطل “دكتور حامد صبري، إني أعرف ما تريد، تريد طي ربع قرن من الزمان وأن تضحك من أعماق قلبك مرة واحدة”.

حوارا باطنيا يضطلع به الرواي فتزول القرائن التي تفصل عادة السرد عن الحوار من قبيل التنقيط وأفعال التقديم، ومن الأمثلة “وقديما قطع الطويل النحيل ابن الموظف الصغير القاهرة طولا وعرضا على قدميه دون الشاب اختفت الحدود بين الضمائر إلى حد التداخل وكشف الحوار الباطني عن اغتراب الشخصية وانفصامها.
الحلم ذو قيمة أساسية في روايات محفوظ الذهنية. فهو يلعب دور الرابط بين الحاضر والماضي من جهة وبين الماضي والمستقبل من جهة أخرى. ويبرز درجة التأزم التي تبلغها الشخصيات. وفي رواية الشحاذ يبرر الحلم الأفكار المريضة
اللامنطقية حتى أن أحلام عمر الحمزاوي امتازت بالغرابة واللامعقول. فيرى عمر ابنه سمير يحمل رأس عثمان خليل وتتحول أمام عينيه باقة ورود إلى وجوه أدمية.
ويسمع صفصافة تترنم ببيت شعر وتقول له بقوة إنها ستتعلم الكيمياء.

استجلاء أهم القضايا المعروضة في رواية الشحاذ:


استقطبت هذه المسألة مقاطع واسعة من الرواية وعبرت عن حيرة الفرد بين منزلة الفن والعلم في العصر الحديث :
دنيا الفن الراقية وحقائق العلم الباهرة، وقلق الإنسان العربي عن بلوغ العلم. يقول عمر الحمزاوي “العلماء أقوياء بالحقيقة ونحن قوتنا مستمدة من المال”. وقد تراجع الفن أمام سلطة العلم وساد إحساس مطلق بأن العلم قد “قضى على الفلسفة والفن”
خاصة في ظل الثورة السمعية البصرية وزحف ثقافة “الصورة التي اقترنت بتحولات عميقة في مجال العلوم والاتصال.
وقد أثار محفوظ إشكالية الفن والعلم من خلال آراء الشخصيات والتي تباينت وتنوعت إلى حد الافتراق فكانت خواطر عمر تعبيرا عن ضياع الفن بين آلام الإنسان الذاتية والقضايا الكلية المطلقة، وكانت برامج مصطفى تعبيرا عن الابتذال وانحصار وظيفة الفن في التسلية الوضيعة، وعبر حماس عثمان عن وجوب اقتران الفن بالالتزام وكانت بثينة رمزا للجمع المثالي بين الفن والعلم.
2 – أزمة الفنان وقضايا الإبداع. .
طلق مصطفى المنياوي الفن الملتزم واندفع يساير ثقافة التهميش وبيع المسلسلات الهابطة (اللب والفشار) .وتحول إلى رمز من رموز الثقافة السائدة عبر الإذاعة والتلفزيون. واقترن ذلك بتحول جذري في رؤيته للفن ودوره في
المجتمع.
إذ لم يعد الفن وسيلة لإرساء المدنية الفاضلة بل تحول إلى أداة تسلية وتهريج.
وأصبح الإبداع يستجيب لما يطلبه الجمهور الواسع من متعة سهلة مبتذلة “عهد الفن قد مضى وانقضى، وفن عصرنا هو التسلية والتهريج”. وهكذا تحول الفنان أو المبدع إلى كاتب مرتزق وفنان مهرج “أما عملي فهو مصدر رزقي ولي جمهور واسع أسعار به كثيرا… ولو يكن مصدره بيع اللب والفشار”. ولا بد من التأكيد على أن يمارس التسلق الطبقي ويتنكر لماضيه وطبقته وبالتالي تحول من الثورة إلى الانتهازية ومن الرفض والمواجهة إلى تكريس الواقع برداءته وبؤسه ممارسا الدعارة الفكرية.
عمر
3- معنى الحياة والثوق إلى المطلق :
نجح في الانسجام مع واقعه الجديد، في مجتمع فسح له فرص النجاح في العمل وفي المنصب وامتلاك الثروة، وفرص النجاح في الحب والزواج،
لكنه أحس فجأة أن ذلك لم يكن إلا وهما وسرابا. فانسدت أمامه الآفاق وانقلب يشحذ معنى لحياته، قال مصطفى لعمر وقد أدرك الحال التي آل إليها “إنه لا يوجد وحي في عصرنا، فلم يبق لأمثالك إلا التسول”.
إن البحث عن معنى الحياة هو المطلب المحوري في الرواية وقد عرض محفوظ عدید الأجوبة هذا السؤال وهذه الأجوبة اختلفت من شخصية إلى أخرى. فيرى الطبيب أن معنى الحياة يكمن في الإقبال على العمل. أما عثمان فيراه
في الثورة والالتزام بقضايا الملايين. في حين يراه مصطفى في الشهرة والمال. أما زينب فترى معنى الحياة في الزواج والمحافظة على الأسرة، لكن وردة تحصر هذا المعنى في الحب.
وقد سعى بطل الرواية إلى تحديد معنى الحياة من خلال تجارب متنوعة خافها منها :
تجربة الحب والحس : ارتاد البطل الملاهي الليلية وارتبط بوردة ومارغريت توقا إلى “نشوة الخلق الأولى”. وأصبحت الأنثى تجـد الحياة.
فضحى البطل بالمال والأسرة من أجل جلسات الغرام وأحلام ألف ليلة وليلة. من أن يكون لها أثر”. لكنه استفاق على الوهم. إذ أدرك أن “نشوة الحب لا تدوم ونشوة الجنس أقصر

تجربة الفن والشعر : تحرك شيء من الشعر في أعماق البطل وهو يعيش لذة الجنس، وتحمس لكتابة الشعر وآمن بأنه الطريق الوحيد لاستكناه الحقيقية الإنسانية وإدراك معنى الحياة، لكنه سرعان ما تيقن أن الحماس لم يكن “إلا”
مجرد حركة طارئة ما لبثت أن تجمدت”.
تجربة العزلة والتصوف : تميزت بعزوف البطل عن دنيا الناس وذوبانه في التأمل في الكون من أجل الامتلاء وصفاء الذات فتقلس العالم الخارجي حدوده وأحس عمر بفيض وجداني ونشاط في الحواس جميعها
وتوهم الظفر “باليقين بلا جدال ولا منطق” لكن هذه المرحلة شارفت به علی الجنون وسقط في دوامة العبث واللامعقول فانتهى إلى العودة إلى الواقع واستعادة الوعي.
البحث عن معنى الحياة سؤال الإنسان منذ الأزل ولا يكون الجواب عن هذا السؤال إلا بالخروج من السكينة والحياة المبتذلة إلى حياة القلق والحيرة.
وهو ما تجلى في رحلة البطل التي انتهت بالخيبة والفشل، ورغم هذا الفشل فإن شرف الإنسان يكمن في المحاولة لأنه يفتقر إلى الوسائل الناجعة وهو ما يفسر فشل الحب والجنس والفن والتصوف في تحقيق منشود البطل.
4- أهمية البعد الروحي في حياة الإنسان :
إن أزمة البطل هي أزمة روحية في بعض وجوهها. فالرجل ذو ثقافة وجاه ومال، وهو سعيد في أسرته، ناجح في عمله لكن هذه المعطيات لا تستطيع حل ألغاز الوجود. لذلك سعى عمر إلى البحث عن بعد آخر يقربه من السعادة والسكينة.
فارتمى في أحضان الروح وأقترب من دنيا التصرف ووجد في “ترانيم فارس والهند والعرب المليئة بالأسرار” نشوة خفية. وغرق كذلك في “كتب الغيب” وتطلع إلى الحقيقة المطلقة” وتاق إلى استقبال “شعاع النشوة الوردي بلا وسيط” حتى أحس بأن عذابه ليس سوى ظلما إلى الارتواء من “الذات الإلهية”.

وقد وجد في الخلاء والصحراء لذة القابض على اليقين. وسرت في جسده رعشة من التوحد مع الكون وذاب فيه “وارتفع فوق أي رغبة وترامت الدنيا تحت قدميه حفنة من تراب …” .

فالإنسان إذن لا يستطيع أن يبلغ السعادة أو الـكـة إلا متى تعدى بهذا البعد الروحي القياسي
5 – العقل والعاطفة في حياة الإنسان :
كيلية العقل والنقل متصلة بالسؤال الجوهري الذي نهضت عليه الرواية الحياة ولذلك نباينت مواقف الشخصيات من العقل والعاطفة، وقد ربط عثمان بين العقل والعلم واعتبر النجاح في الحياة وتحقيق الأحلام رهين الإيمان
سلطة العقل “إني مؤمن بالعلم والعقل”. ومقابل ذلك فقد فاصل من قيمة القلب القلب مضخة تعمل بواسطة الشرايين والأوردة ومن الخرافة أن نتصوره وسيلة للحقيقة أما البطل فإنه ارتمى في أحضان العاطفة في تجاربه المتعددة ورغم الفشل فإنه أطل على الوجود من جانبه الشعوري الحالم وفي ذلك اعتراف بأهمية العاطفة
وتبقى سيئة النموذج المنشود للجمع بين العاطفة والعقل أو بين الشعر والعلم أن التوازن لا يتحقق إلا بهما
تماء ودوره في حياة الإنسان :
لقد مثل عثمان النموذج المثالي للنضال والانتماء فهو الشخصية المتماسكة لبداية إلى النهاية. وهو الوجه المشرق المؤمن الذي لم يترعرع، المؤمن بالثورة وبالتصال, وإذا كانت سنوات السجن العشرين لم تشنه عن إيمانه وانتمائه
، فإن إغراءات الواقع بعد الخروج من السجن لم تفلح هي الأخرى في إغراقه ستنقع الاوتداد والتبرير والانسجام مع الرداءة. الخصائص الفنية والمضمونية في رواية الشحاذ

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
MENU

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم مانع الإعلانات على متصفحك. الرجاء غلقه لتواصل التنقل داخل الموقع.