الثانية ثانويالسنة الثانية ثانوي آداب

منهجية تحليل النص الشعري القديم(نص من “الشعر الجاهلي” أنموذجا)

منهجية تحليل النص الشعري القديم
(نص من “الشعر الجاهلي” أنموذجا) تحليل قصيدة لعنتر ابن شداد السنة الثانية ثاوي آداب.

منهجية تحليل النص الشعري القديم(نص من "الشعر الجاهلي" أنموذجا)


مقدمة :


1) تعريف النص الشعري :
النص الشعري خطاب يتميز بالكثافة الدلالية أي أنه ينقل المعنى بصورة
تسهم في إنتاجه آليات وأدوات متعددة متنوعة منها:
مقام القول والغرض الشعري والمعجم والصورة والنغمة والأسلوب.
لذلك، لابد من مراعاة المقام في تحليل النص الشعري القديم، فالقاعدة الذهبية
في البلاغة القديمة “لكل مقام مقال”. والمقامات في الشعر القديم كثيرة منها:
المقام الحربي والمقام الوجداني العاطفي والمقام التأملي .
ولا بد من مراعاة بنية الأغراض مثل المديح والفخر والرثاء والهجاء والغزل
فالغرض هو مقصد القصيد أي الهدف من إنشائها وإنشادها .


2) مكونات النص الشعري :

يتكون النص الشعري عادة من :
أ) المعجم : وهو مجموع الألفاظ التي تنتمي إلى مجال واحد يجمعها تحت لافتة
مثل الطبيعة والحرب والوجدان والعقل وقد يوظف المعجم توظيفا حقيقيا
لمناسبة القول للمقام أو توظيفا مجازيا لإنشاء الصورة قصد إغناء الدلالة وإثراء
المعنى.
..


ب) الصورة: وهي فعل التخييل الذي يقع في وهم الشاعر مثل التقريب بين
عنصرين أو صورتين أو عالمين بواسطة التشبيه لإبراز معنى أو أكثر مشترك
هو وجه الشبه كان يرى الشاعر في المرأة بدرا أي قمرا لعلق منزلتها في نفسه
ولإشراق وجهها جمالا وحسنا وبهاء أو مثل التوحيد بين عنصرين أو أكثر مما
يجعلهما أمرا واحدا، فلا ترى أحدهما دون الآخر وهو الاستعارة كأن يتوهم
الشاعر الحرب رحى تدور فتطحن وترحي وتسحق .
ج) الأسلوب: هو الإنشاء والخبر. ومن المتواتر في الشعر المراوحة بين هذين
الأسلوبين أو تكثيف أحدهما في مجموعة من الأبيات دون غيرها لما يتطلبه المقام
: فالمقام الوجداني كالتفجع أي بكاء الميت مثلا في غرض الرثاء يتطلب الأسلوب
الإنشائي. أما المقام الحربي، فيجنح فيه الشاعر إلى الإخبار بسرد الواقعة الحربية
فيطغى الأسلوب الخبري.
د) الإيقاع: هو التكرار. ويتحقق بأشكال مختلفة كالوزن (البحر وتفعيلاته)
والقافية والروي وحركتها وهو المظهر الخارجي أو موسيقى الثبات أو الإطار
ويمكن أن يتحقق التكرار باللفظ (الترديد) أو الجذر (الاشتقاق) أو التركيب
(الموازنة) و بين الصدر والعجز فيسمى التصريع بواسطة القافية أو الرد للأعجاز
على الصدر بواسطة ترديد نفس اللفظ ومعناه أو الجناس بترديد اللفظ ،
اختلاف
في المعنى.. وهو المظهر الداخلي أو موسيقي التحول أو التغير..

لذلك، يتوجب عند قراءة النص الشعري ومحاولة فهمه وتحليله بشرح معانيه و والكشف عن مقاصده اختيار مدخل محدد كالبحث في المعجم وانتشاره أو الصورة
وعناصرها وامتدادها أو التركيب أو الصيغ الصرفية المتواترة أو الحقول الدلالية
أو النغمة الطاغية .


3) تفكيك النص الشعري :


التفكيك الكلى (بنية النص الشعري وحركته الشاملة):
يجدر بنا الانتباه إلى جملة من الظواهر عند محاولة تفكيك النص الشعري بوصفه
خطابا :
ه ارتباط الأبيات فيما بينها ارتباطا نحويا (أو تركيبيا) ودلاليا ومعجميا وإيحائيا.
فمن الخلل أن نحاول تحليل كل بيت على حدة.
ه التحول من الخبر إلى الإنشاء أو العكس.
ه التحول من الخطاب المباشر (أنت / أنتم) إلى الخطاب غير المباشر (هو/
هي/ هم..) أو بروز المتكلم بصيغة المفرد (أنا ) أو الجماعة (نحن)
ب) التفكيك الجزئي (بنية المقطع ودوره في نمو النص):
ينبغي عند تحليل المقطع الشعري أو الوحدة المعنوية من النص التوقف عند جملة
من الظواهر :
المعجم ودوره في إنشاء لغة شعرية مخصوصة.
ه والتركيب ودوره في نسج نظام الصدر أو العجز أو العلاقة بينهما أو بين
الأبيات .
ه والصورة ودورها في توليد التخييل وما يترتب عنه من التقريب تشبيها أو
الإيهام استعارة.
ه والنغمة (الإيقاع) ودورها في توليد نغمة ملحمية حماسية في مقام الفخر
والمديح أو نغمة غنائية وجدانية في مقام الغزل تشبيبا ونسيبا أو نغمة مأساوية
في سياق الرثاء تعبيرا عن الحسرة واللوعة
ه بيان دور هذه الظواهر في تحقيق مختلف الوظائف المتفاعلة داخل نسيج
الخطاب الشعري. وهي الوظيفة الفنية الجمالية (الخطاب) والوظيفة التعبيرية
(المتكلم) والوظيفة التأثيرية (الجمهور) والوظيفة المرجعية (الواقع) والوظيفة
الحجاجية (الإقناع والتأثير) ..

تحليل نص


النص:
قال عنترة مفتخرا بنفسه (من الكامل) :


1) قف بالـديار، وصـخ إلى بيداها فعسى الديار تجيب من ناداها
2) دار يفوخ المـسك من عرصاتها والعود والنـد الذكي جـناها
3) دار لعـبلة شـط عنـك مـزارهـا ونات لعمري ما أراك تـراها
4) ما بال عينـك لا تمـل من الـبـكـا رمد بعينك أم جفـاك كـراها
5) يا صاحبي قـف بالمـطـايـا سـاعة في دار عبـلة سائلاً مغناها
6) يا عبل إني في الكـريهـة ضيغة3 شرس إذا ما الطعن شق جباها
7) (..)فهناك أطعن في الوغى فرسانها طعنا يشـق قـلوبها وكلاها
8) والخيل تعلـم والفـوارس أنـني شيخ الحروب وكـهلـها وفتاها
9) يا عبل كـم من مهرة غـادرتها من بعد صاحبها تجر خطاها
10) يا عبل، لو أني لقيت كئيبة سبعين ألفاً مـا رهـبـت لـقـاها
11) وأنا المنـيـة، وإبـن كـل منـية وسواد جلـدي ثوبهـا ورداها
عنترة بن شداد . الديوان.


شرح الألفاظ:
1) بيداها أي بيداؤها وهي الفلاة والصحراء. 2) عرصاتها أي ساحاتها .
3) ضيغم أي الأسد واسع الشدق يعض ولا ينهش .
4) مهرة أي أنثى الفرس . 5) المنية أي الموت.
حلل النص تحليلا مسترسلا مستعينا بما يلي من الأسئلة

  • استخرج عناصر الوقفة الطللية وبين أثرها في نفس الشاعر؟
  • تبين مظاهر التحول في بنية الخطاب وهوية طرفيه؟ وحلّل أثر هذا التحول
    مبنى ومعنى ؟
    ـ ما الصورة التي رسمها الشاعر لنفسه؟ وما الأدوات الفنية التي وظفها لذلك؟.

إصـلاح تحليل النص عدد1

المقدمـة:

التمهيد:

للمكـان قيمـة كبـرى فـي تفجير مكامن الوجـدان عامـة وفـي الشعر خاصـة .

وهـو مـا يفصح عنـه الشـعر الجاهلي ذاتـه، ففيـه احتفاء بالمكـان واحتفـال

بالإنسان.

وضع النص في إطاره:

وفي هذا السياق تندرج هذه الأبيات المختارة من قصيدة مطولة للشاعر

الجاهلي عنترة صاحب السيرة المشهورة التي امتزجت فيها المعاناة العاطفية

بالفتوة تعبيرا عن أحقية الذات في المنزلة الرفيعة .وقد نظمت هذه الأبيات

على البحر الكامل وتفعيلته متفاعلن تتردد 3 مرات في الصدر ومثلها في

العجز. أما الروي، فهو الهاء وهو صوت أقصى حلقي انفجاري، فالقصيدة

هائية ، والمجرى وهو حركة الروي هو الفتحة الطويلة.

. موضوع النص: وفي هذه الأبيات يدعو الشاعر صاحبة إلى الوقوف على

الديار مصورا حنينه الجارف إلى الماضي السعيد مقابل الحاضر الأليم ،

ثم يتحول إلى مخاطبة عبلة مفتخرا ببطولاته الحربية.

فماهي أبرز عناصر الوقفة الطللية؟ وكيف رسم الشاعر لنفسه صورة ؟ وما

غرضه من هذا المزج بين النسيب والفخر بالنفس؟

تفكيـك النص:

بنية النص:

تقسيم النص كما يلي:

يمكن تقطيع النص وفق معيار التحول في بنية الخطاب وهوية طرفيه، فيكون

1) المقطع الأول: من بداية النص إلى البيت الخامس وعنوانه ” الوقوف على

الأطلال ” أو “الطلل وأثره في وجدان الشاعر”.

2) المقطع الثاني: بقية النص وعنوانه “الفخر بالنفس” أو “صورة الفتى”

أو “صورة الفارس”.

التحليل المقطعي:

المقطع الأول:

إذا تدبرنا المقطع الأول بالتحليل ألفيناه قائما على خطاب يتوجه به

الشاعر إلى صاحبه داعيا إياه إلى الوقوف بالديار مستخدما أسلوبًا

إنشائيا هو الأمر، وفيه معنى الالتماس.

ولا يكتفي الشاعر بالدعوة إلى الوقوف إجلالاً للديار وذكراها، وإنما يدعو إلى
إطلاق صيحة في الخلاء لعل رجع صداها يثير في النفس الذكرى الماضية.
وتتخذ الصيحة هنا قيمة رمزية لأنها تعبير عن الرغبة في تبديد العدم و فعل
الزمان وأثره في الديار.
ويبدو الشاعر من خلال ذلك كله شديد التأثر، فهو يتذكر الماضي إلى حد أنه
يتشقم العطور الفائحة وشذاها من جديد رغم القفر والخلاء وغياب الإنسان.
ومن الأساليب التي وظفها الشاعر الاستفهام الإنكاري الوارد في البيت الرابع،
ويدل على تعجبه واستغرابه من غزارة دمعه الباكي كأنما صابه رمد في عينه
أو أقضت مضجعه الذكرى والحنين الجارف
هكذا تطغى على المقطع الأساليب الإنشائية الوجدانية كالنداء والأمر
والاستفهام للتعبير عن مدى المعاناة التي يثيرها الوقوف على الأطلال .
المقطع الثاني:
ولئن قام المقطع الأول على الوقفة الوجدانية وطقوسها العاطفية فإن المقطع الثاني
يشهد تحولا في الخطاب ( من مخاطبة الصاحب إلى مخاطبة الحبيبة عبلة)، وهو
ما يعلن التحول إلى الفخر بالنفس بحثا عن إثبات الذات وتأكيد رفعتها بالبطولة
الحربية والفروسية كقيمة عليا عند الجاهليين.
وقد شبه الشاعر نفسه، في هذا السياق الفخري، بالأسد الضيغم في البدء تعبيرا
عن القوة والبطش واعتبر نفسه شيخ الحرب لحنكته وكهلها لتمرسه وفتاها لصغر
سنه . ومال إلى المبالغة والغلق فرأى نفسه المنية وهي الموت في قوله:” وأنا
المنية”، بل ابن المنية نفسها، وتفسير ذلك أنه يجلب الموت لأعدائه من الفرسان
الشداد. وهو لذلك ثوب الموت ورداؤها الأسود إشارة منه إلى قتامة الموت.
أما من حيث الإيقاع ، فقد رتد الشاعر عبارة ” يا عبل” أكثر من مرة تعبيرا منه
عن رغبة في القرب والتودد من خلال ذكر البطولات في المعارك والحروب.
هكذا يكشف المقطع الثاني عن صورة مغايرة لصورة العاشق المتهالك
الضعيف الباكي على الديار وهي صورة الفارس المقدام المغوار الذي يخشاه
أعداؤه لقوته وبطشه وقد تضافر في ذلك التشابيه وفنون المبالغة للتعبير عن
هذه الصورة الملحمية الحماسية.
التقويـم:
داخليا: إن القراءة النقدية المتأنية للنص في مستواه الأول تكشف عن
امتزاج الحقيقة بالخيال، فالشاعر يبدو متأرجحا بين الواقع والوهم، إذ أن
المشمومات حاصلة في ذهنه وكيانه، فهي من هذه الجهة حقيقة ذاتية ولكنها في
الواقع الموضوعي مجرد وهم بأثر البعاد والفراق. أما القراءة للنص في مستواه
الثاني، فتوضح لنا صورة الرجل الكامل عند الجاهليين، وهي صورة الفارس
الجدير بالمنزلة الرفيعة رغم سواد جلدته التي تجعله من صفوف العبيد لا الأسياد.

خارجيا:
لا يختلف عنترة في شعره عن سائر شعراء الجاهلية في الالتزام بالوقفة
الطللية وهو ما يدل على أنها سنة شعرية بالأساس. أما من حيث الفخر، فهو
يمضي فيه شوطا بارزا يفوق غيره من شعراء زمانه وذلك لاعتبارات ذاتية وهي
إحساسه الضمني بالدونية ورغبته في اقتلاع الاعتراف من الآخر بأنه جدير
بمرتبة أرفع.
التأليف:
فنيا:
يزخر النص بأساليب فنية متنوعة مثل الأساليب الإنشائية كالأمر والنداء
والاستفهام الإنكاري المعبرة عن الوجدان المتألم من جهة ومثل التشابيه وفنـون
المبالغة في صياغة العبارة الشعرية شخنًا للوجـان المفاخر بـالنفس الطامح إلى
ترقية النفس من الدونية إلى الإحساس بالاقتدار الكامل
مضمونيا:
يكشف الخطاب في النص عن ذات تتأرجح بين الضعف والقوة وهو يجعل
العبارة الشعرية مسكونة بالغنائية الوجدانية طورا و مفعمة بالنفس الملحمي
الحماسي طورا آخر.
الخاتمة:
غلق القول في النص:
يمكن القول في خاتمة المطاف إن هذا النص مزج بين معنى الوقفة الطللية
والفخر بالنفس وهو امتزاج متواتر في شعر عنترة يفسح المجال لتصوير الذات
الإنسانية في صورها وأحوالها المتباينة، وهو ما يقوم دليلاً على أن مقولة الغرض
الشعري لم تتضح بعد معالمه الثابتة بالصورة النهائية كما سيكون في العصور
اللاحقة حيث ستترسخ السنن الأدبية.
فتح الآفاق:
فهل أن ترسخ السنن الأدبية سيتطلب العودة بالشعر إلى منابتها الأولى حيث
يكون الإبداع لصيقا بالتجربة الإنسانية التي لا ينضب معينها ولا تجف ينابيعها ؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
MENU

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم مانع الإعلانات على متصفحك. الرجاء غلقه لتواصل التنقل داخل الموقع.